للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - إن كان تبديلاً كاملاً للشريعة وجعل محله الحكم بغير ما أنزل الله ﷿، فهذا كفرٌ وردةٌ، حكى الإجماع على هذا جماعة، منهم إسحاق بن راهويه.

٢ - إن كان ذلك في قضايا بسيطة حكم بغير ما أنزل الله بالهوى، ولم يغير التشريع كاملاً، ويعتقد أن ما أنزل الله أفضل، فهذا ليس بكفر إنما فسق ومعصية.

قال ابن تيمية : «أما من كان ملتزماً لحكم الله ورسوله باطناً وظاهراً، لكن عصى واتبع هواه فهذا بمنزلة أمثاله من العصاة» (١).

وقال ابن القيم: «والصحيح أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين، الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم، فإنه إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة، وعدل عنه عصياناً، مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة، فهذا كفر أصغر، وإن اعتقد أنه غير واجب، وأنه مخير فيه، مع تيقنه أنه حكم الله، فهذا كفر أكبر، وإن جهله وأخطأه فهذا مخطئ، له حكم المخطئين «(٢).

ومع هذا فلا بد أن تعلم أن الواجب الذي لا يجوز العدول عنه هو أن يلتزم المسلمون شرع الله، ولا يحكمون غير شرعه، ففي شرعه سبحانه السعادة، واستقامة أمور العباد، ولا يمكن لأي تشريع وقانون، ولو اجتمع الناس كلهم على وضعه، لا يمكن أن يضبط الناس، ويردعهم عن المخالفات، ولنا في الواقع عبرة وأي عبرة، فكم تتكرر السرقة في الأرض، ولو قطعت يد سارق لارتدع أمم من ورائه، ولو قُتِلَ قاتل لحيا بقتله أمم، وصدق الله إذ قال: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ﴾ (البقرة: ١٧٩).


(١) انظر: «منهاج السنة النبوية» (٥/ ١٣١).
(٢) انظر: «مدارج السالكين» (١/ ٣٤٦).

<<  <   >  >>