للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على هذا محبة الشرك وكراهة الإسلام، ولكن ما من أحد من أصحابك إلا وله يد يحمي بها ماله وليس لي يدٌ أحمي بها مالي، فأردت أن يكون لي بذلك يدٌ أحمي بها مالي، فقال النبي : «صَدَقَ وَلَا تَقُولُوا لَهُ إِلَّا خَيْرًا» (١)، وذلك لأنه قد شهد بدرا، وأما فعله فكان لا يجوز كما دلت عليه النصوص.

الرابعة: استدل المصنف على هذه المسألة بقوله: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ (المجادلة: ٢٢). قال ابن الجوزي: «وهذه الآية قد بينت أن مودة الكفار تقدح في صحة الإيمان وأن من كان مؤمنا لم يوال كافراً، وإن كان أباه أو ابنه أو أحداً من عشيرته» (٢).

فالمؤمنون لا يوادون من حاد الله، و إنما لا يوادون إلا المؤمنين ويعادون الكفار والمشركين، هذه صفات المؤمنين، ولو كان هذا الكافر قريباً من أقاربهم لو كان أخاً أو ابناً أو زوجاً أو عماً، فإن قلبه ينطوي على بغض هذا الكافر لما هو عليه من الكفر. ولذلك كان الإمام أحمد يقول: «لا أطيق أن أنظر إلى نصراني كيف أنظر إليه وهو يقول إن الله ثالث ثلاثة … ؟»، فما بالك بمن يحبهم ويواليهم ويخالطهم ويمازحهم وليس في قصده دعوتهم للإسلام، وإنما حبه لهم، نسأل الله السلامة والعافية.


(١) أخرجه «البخاري» (٣٩٨٣)، و «مسلم» (٢٤٩٤) من حديث علي بن أبي طالب .
(٢) انظر: «زاد المسير» (٨/ ١٩٩).

<<  <   >  >>