الأمر الخامس: قد يتبادر سؤال، وهو إذا عرفنا أن التوحيد يشمل أنواعاً ثلاثة فهنا ذكر المصنف إفراد الله بالعبادة، فلِمَ لم يذكر إلا توحيد الألوهية؟ وكذا في الشرك؟!
والجواب: أن المصنف ﵀ لا يخفى عليه أن التوحيد يشمل الأنواع الثلاثة، وإنما نبه على واحد؛ لأن الاختلاف قد وقع عليه، وهو توحيد الألوهية، ولذلك قال الله ﷿: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ (النحل: ٣٦)، فدعوة الأنبياء ودعوة الرسل غالبها يدور على توحيد الألوهية.
* أما توحيد الربوبية فكثير من الناس، حتى كفار قريش يؤمنون به ويصدقون به ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ (الزخرف: ٨٧)، ﴿قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ﴾ (المؤمنون: ٨٤ - ٨٥)، إنما الإشكال والخلل وقع في توحيد الألوهية فنبه الشيخ على ذلك، وهذا من باب ذكر بعض أفراد العام، وإلا فالتوحيد يشمل توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، كلها داخلة في توحيد الله ﷾.
* خلاصة الكلام: أن الحنيفية هي أن تعبد الله ﷿ مخلصاً له وموحداً، ولا تقع في شيء من الشرك.