فينبغي على المؤمن أن يكون قلبه جامعاً بين الخوف من الله وبين رجاء الله، وتأمُلِ ثوابه، وتأمُلِ مغفرته ورحمته وجنته ﷾.
المسألة الرابعة: إذا تقرر أن رجاء الله عبادة، فإن رجاء غير الله ﷿ له أحوال، فليس كل رجاء من غير الله ﷿ يكون محرماً أو يكون شركاً، وإنما رجاء غير الله له أحوال:
١. الرجاء الطبيعي: كأن ترجو أحداً يَملك، فتقول مثلاً: أرجو منك أن تفعل كذا، فهذا رجاء لا بأس به؛ لأنه رجاء طبيعي في أمر يقدر عليه الإنسان.
٢. أن ترجو نفع الأسباب مع تعلق قلبك بالله: كأن تذهب إلى طبيب وقلبك متعلق بالله أنه هو الشافي، فيعطك دواء، فترجو أن ينفع هذا الدواء بإذن الله، فأنت ترجو أن ينفع السبب، مع تعلقك بالله ﷾، فهذا لا إشكال فيه، كمن يذهب من المرضى لطبيب، مع علمه واعتقاده أن الشفاء بيد الله ﷿، ولذلك فهو قد ذهب لطبيبٍ معين دون غيره لا باعتقاده أن الشفاء منه، إنما من الله، لكنه يرجو أن ينفع السبب والتداوي بإذن الله.
٣. الرجاء المحرّم: وهو أن ترجو مخلوقاً أن ينفع، أو أن يدفع، أو أن تتوقع الأمل والتيسير والخير والفرج من قبرٍ أو من رجل صالح من الأولياء، ولا يقدر أن ينفع نفسه، فضلاً عن أن ينفع غيره فإن ذلك شرك أكبر.
وذلك: لأنك ما رجوت غير الله بمثل هذه الأمور إلا وقد وقع في قلبك تعظيمه، واعتقاد أنه ينفع ويدبر مع الله ﷾، فأنت صرفت عبادة الرجاء لغير الله، وهذا هو الشرك.
وجماع القول: أن رجاء الله تعالى عبادة وقربة، وما خاب من رجى ربه، فعلق القلب به فهو الذي بيده تدبير الأمور كلها، وارج خير الدنيا والآخرة بتعلقك به، قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ (الكهف: ١١٠).