للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفِرَارِ، وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوعِ، فَرَجَعَ حَتَّى أُهْرِيقَ دَمُهُ، رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي، فَيَقُولُ اللهُ ﷿ لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي، رَجَعَ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي، وَرَهْبَةً مِمَّا عِنْدِي، حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ» (١).

واعلم أن الرغبة لها علاقة بالرجاء، فالذي يرجو الله تعالى هو راغب فيما عنده، إلا أن الرغبة أرفع، قال ابن القيم: «الرَّجَاءُ طَمَعٌ، وَالرَّغْبَةُ طَلَبٌ، فَهِيَ ثَمَرَةُ الرَّجَاءِ» (٢).

خلاصة القول: أن الرغبة فيما عند الله عبادة وقربة، وبقدر ما ترغب فيما عنده، وتفتقر إليه يعطيك، والدافع للرغبة علمك بغنى ربك، وقرب إجابته لمطلوبك.

ومتى تصبك خصاصة فارج الغنى … وإلى الّذي يعطي الرّغائب فارغب

وفي المقابل فكونك ترغب لغير الله، بمعنى أن تتوجه للمخلوق بكليتك، فتعتمد عليه في تلبية مطلوبك، وتعتقد أنه قادرٌ على تلبية حوائجك من دون الله، فهذا شركٌ، لأنك أشركت مع الله غيره في هذه العبادة.

والدليل على كون الرغبة عبادة قوله تعالى: ﴿وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ (الشرح: ٨).

• العبادة الثانية: الرهبة: وهي ضد الرغبة، فهي: الصدق في الخوف، فالصادق في الخوف هو راهب، وهذا معنى قول الراغب: الرّهبة والرّهب مخافة مع تحرّز واضطراب.


(١) أخرجه «أحمد» (٧/ ٦٢)، وابن حبان في «صحيحه» (٦/ ٢٩٧)، والبيهقي في «الكبرى» (٩/ ٢٧٦)، وصححه الألباني في «المشكاة» (١/ ٣٩٢).
(٢) انظر: «مدارج السالكين» (٢/ ٥٥).

<<  <   >  >>