للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)(المؤمنون: ١ - ٢).

وقال أيضاً: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ (البقرة: ٤٥).

وقال ﴿وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا﴾ (الإسراء: ١٠٩).

وكلها آيات تدل على أن المؤمن ينبغي أن يخشع لله ، وأن يرى الله منه الذل والتواضع، وإذا رأى الله منك التذلل له وعدم التكبر رفعك، قال : «الْعِزُّ إِزَارُهُ، وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ، فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ» (١).

قال ابن مسعود : «من تواضع لله تخشّعا، رفعه الله يوم القيامة، ومن تطاول تعظّما، وضعه الله يوم القيامة» (٢).

واعلم أن الخشوع الحقيقي ليس خشوع البدن، وإنما خشوع القلب، وليس الخشوع في الصلاة فحسب، بل في سائر الأوقات، ولربما رأيت رجلاً حسن الثياب، جميل الهيئة، لكنه في قلبه من الخشوع الشيء الكثير، والعكس بالعكس، قال علي بن أبي طالب : «الخشوع في القلب أن تلين كنفك للرّجل المسلم، وأن لا تلتفت في الصّلاة» (٣).

وقال ابن القيم ذاكراً بعض صور الخشوع: «الخشوع هو الاستسلام للحكمين: الدّينيّ الشرعيّ، بعدم معارضته برأي أو شهوة، والقدريّ بعدم تلقّيه بالتّسخّط والكراهية والاعتراض.

والاتّضاع لنظر الحقّ، وهو اتّضاع القلب والجوارح، وانكسارها لنظر الرّبّ إليها، واطّلاعه على تفاصيل ما في القلب والجوارح، وخوف العبد


(١) أخرجه «مسلم» (٢٦٢٠) من حديث أبي هريرة.
(٢) انظر: «الزهد» للإمام وكيع بن الجراح (٢/ ٤٦٧).
(٣) انظر: «الزهد» للإمام وكيع بن الجراح (٢/ ٥٩٩).

<<  <   >  >>