للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بذاته، ويحصل ضده بعد ذلك من غير أن يكون للضد الطارئ أثر في إزالة ما قبله؛ لأن الزائل بذاته لا يحتاج إلى مزيل، وإذا ظهر هذا التمثيل عادت الدلائل المذكورة في تلك المسألة إلى هذه المسألة نفيًا وإثباتًا»، قاله الرازي (١)، ثم قال بعد ذكره لأدلة المسألة: «والقول بكون النسخ رفعًا عين القول بإعدام الضد بالضد» (٢).

فالناسخ والمنسوخ ضدان وعرضان جاء أحدهما بعد الآخر، فمن قال إن العرض لا يبقى زمانين قال بأن الحكم الأول ينتهي بنفسه من غير أن يؤثر في زواله إثبات الحكم الثاني، فيكون المنسوخ إنما زال بنفسه، ويكون النسخ بيانا لزوال الأول وانتهائه.

ومن قال إن العرض يبقى زمانين قال الحكم الأول إنما زال لأجل إثبات الحكم الثاني، فكان ثبوت الحكم الثاني مؤثرًا في زوال الحكم الأول، وعلى هذا يكون النسخ رفعا؛ لأن الثاني رفع الأول وأثر في زواله (٣).

وقد أنكر القرافي هذا البناء؛ فقال: «لا نسلم أن الأعراض مساوية للمسألة؛ لأن كلام الله تعالى قديم واجب الوجود، لا يوصف بما توصف به الأعراض من عدم بقائها زمانين، وهذا المثال بعيد جدًا عن المسألة» (٤).

فالقرافي أنكر هذا البناء من جهة أن الحكم هو خطاب الله القديم الواجب الوجود، فيستحيل عليه أن يكون عرضًا، بل هو سبحانه ليس كمثله شيء في ذاته وصفاته، ودوام الحكم بدوام تعلقه وانقطاعه بانقطاعه، وتعلق الصفات نسب


(١) المحصول (٣/ ٢٨٧).
(٢) المحصول (٣/ ٢٩١)، وانظر: الكاشف (٣/ ٢٢٨).
(٣) انظر: الكاشف (٣/ ٢٢٣)، التحبير (٦/ ٢٩٧٩).
(٤) نفائس الأصول (٦/ ٢٤٠٨)، وانظر: الكاشف (٣/ ٢٣١ - ٢٣٢).

<<  <   >  >>