للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخامسة: التكليف بخلاف ما علمه الله، كتكليف الكافر الذي علم الله أنه يموت على الكفر بالإيمان، ممكن في نفسه، وليس محالًا بل هو واقع، ومن قال: إنّه مستحيل قال: إنّ التكليف به تكليف بما لا يطاق على الخلاف في جوازه وعدمه (١).

السادسة: التمكن ليس شرطًا للتكليف عند القائل بجواز تكليف ما لا يطاق، فيجوز تكليف من علم الله أنّه لا يتمكن من الفعل في الوقت (٢).

وأما القائل بامتناع تكليف ما لا يطاق، فتبنى المسألة عندهم على مسألتي تلازم الأمر والإرادة، والحكمة من التكليف.

فمن حصر فائدة التكليف بالامتثال، وكان الامتثال ممتنعًا لعدم القدرة عليه، امتنع كتكليف لامتناع فائدته.

ومن لم يشترط الإرادة للأمر، وجعل حكمة التكليف إمّا الامتثال، وإمّا الإرادة -وهم أهل السنة- فلم يمنعوا من التكليف بما علم الله عدم تمكن المكلف منه في الوقت؛ لأنّه وإن لم يحصل الامتثال، إلا أن للتكليف به فائدة أخرى: هي ابتلاء عزم المكلف على الفعل (٣).

السابعة:، منع التكليف بما كان مشروطًا بشرط مستحيل عند من يمنع تكليف ما لا يطاق؛ لأنّ المشروط لا يوجد بدون شرطه.

وأمّا من جوَّز تكليف ما لا يطاق، فإن كان لا ينظر في أفعال الله تعالى وأوامره إلى الحكمة والتعليل، فإنّه يجوِّز التكليف بالمشروط بشرط مستحيل، وحجته أنّ


(١) تخريج الأصول على الأصول للعمري (ص ٣٦٥) البرهان (١/ ٩٠) البحر المحيط (١/ ٣٧٥).
(٢) انظر: العدة (٢/ ٣٩٢) المسودة (ص ٥٢) البحر المحيط (١/ ٢٦٧) تخريج الأصول على الأصول للعمري (ص ٣٧٣).
(٣) تخريج الأصول على الأصول (ص ٣٧٣ - ٣٧٤) تشنيف المسامع (١/ ١٣٨) نثر الورود (١/ ٦٢ - ٦٣).

<<  <   >  >>