للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث

تحقق لحوق الوعيد وحكم الخلف فيه

هذه المسألة تكلم الأصوليون عنها في ضمن بحثهم عن العموم، فحكوا عن الأشعري القول بالوقف في صيغ العموم.

قال الزركشي: «ومأخذ قول الوقف من أصله أن الأشعري لما تكلم مع المعتزلة في عمومات الوعيد الواردة في الكتاب والسنة، كقوله: ﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾ [الانفطار: ١٤] وقوله: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [الجن: ٢٣] ونحوه، ومع المرجئة في عموم الوعد، نفى أن تكون هذه الصيغ موضوعة للعموم، وتوقف فيها، وتبعه جمهور أصحابه» (١).

وقد نسب الوقف في عموم الأخبار للإمام أبي حنيفة، ولكن نفى الجصاص أن يكون مذهبه (٢).

ونسب الوقف كذلك للإمام الشافعي، وليس بصحيح، قال أبو الحسين بن القطان: «شذت طائفة من أصحابنا فنسبت هذا القول للشافعي، لأشياء يتعلق بها كلامه، لأنه قال في مواضع من الآي: يحتمل الخصوص، ويحتمل العموم، ولم يرد الشافعي ما ذهبوا إليه، إنما احتمل عنده أن ترد دلالة تنقله عن ظاهره من العموم إلى الخصوص، لا أنه حقه الاحتمال» (٣).


(١) البحر المحيط للزركشي (٤/ ٣٢)، وانظر: اللمع للأشعري ص (١٢٧ - ١٣١).
(٢) البحر المحيط للزركشي (٤/ ٢٩).
(٣) البحر المحيط للزركشي (٤/ ٢٩).

<<  <   >  >>