للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن المسائل الأصولية المبنية على مسألة الأصل:

المسألة الأولى: منع فتور الشرائع عقلًا عند من يقول بوجوب رعاية المصالح على الله، وهو مذهب الكعبي من المعتزلة؛ لما فيه فتور الشرائع، وعدم بقاء التكاليف عقلًا، من تبدل المصلحة بالمفسدة، وتخلف أصل رعاية المصالح، وجوابه على التنزيل بوجوب رعاية الأصلح، «فمن الذي أنبأك أن الأصلح تقدير الشرائع، فقد يكون الأصلح في فتورها، حتى يعملوا بمقتضى عقولهم» (١).

الثانية: منع تكليف ما لا يطاق؛ لأنّه ليس أصلح للعبد، وما كان كذلك استحال عقلًا على الله التكليف به، فيمتنع التكليف بما لا يطاق.

وجوابه: أنّه ليس من قبيل الاستحالة العقلية التي هي ضد الايجاب العقلي؛ فإنّه سبحانه يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، لكن من قبيل أن ذلك لا يليق بحكمة الله تعالى وفضله؛ لأنّ «المأمور بفعل لا بدَّ من أن يكون قادرًا على تحصيل المأمور به حقيقة؛ لأنّ تكليف ما ليس في الوُسع ليس بحكمة» (٢).

الثالثة: عدم جواز نسخ المأمور به قبل التمكن من الفعل، عند من قال بوجوب مراعاة المصلحة على الله (٣)؛ لأن الأمر من الله يدل على أن المأمور به صلاح للمأمورين، وما كان صلاحًا لهم لا يجوز للحكيم أن ينهاهم عنه ويمنعهم منه، وهذا ما يوجد في نسخ الفعل قبل التمكن، ولذا لم يجز.


(١) البرهان (٢/ ٨٨٠)، وانظر المنخول (ص ٤٨٤)، البحر المحيط (١/ ١٦٤)، تخريج الأصول على الأصول للعمري (ص ٢٣٢).
(٢) كشف الأسرار (١/ ٢٨٦). وانظر فتح الغفار (١/ ٥٩)، والتوضيح وشرح التلويح (١/ ٣٦٨)، والبحر المحيط (١/ ٣٤٣)، تخريج الأصول على الأصول (ص ٣٥٤)
(٣) انظر: التبصرة (٢٦٢)، البرهان (٢/ ٨٥٠) المستصفى (١/ ١١٣)، الإحكام (٣/ ١٣٣).

<<  <   >  >>