عندما تحدث الأصوليون عن مسألة: أول واجب على المكلف، استطردوا في مسألة طريق ثبوت وجوب النظر.
وحكى بعض علماء أصول الفقه قولين في المسألة، فنقلوا عن الجمهور أن وجوب النظر ثابت بالشرع لا بالعقل، ونقلوا عن المعتزلة عكس هذا، فقالوا: إن النظر ثابت وجوبه بالعقل لا بالشرع (١).
وبنوا المسألة على مسألة التحسين والتقبيح، وخلاصته: أن قول المعتزلة بحسن دفع الضرر المتوقع من ترك النظر: صحيح، ولا يصح قولهم: إن ذلك دليل على الوجوب، وإنما هو دليل على حسنه، والحسن ليس محصورًا في الواجب، إذ يجوز أن يكون مستحبًا.
وأن قول الأشاعرة بأن الوجوب بالشرع لا بالعقل: صحيح، ولكن لا يصح قولهم بمنع تحسين العقل لدفع الضرر المتوقع من ترك النظر.
وكلا الطائفتين أغفلت فطرية المعرفة في حق عامة المكلفين إلا من تغيرت فطرهم.