للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع

التحسين والتقبيح العقليان

ذهب أهل السنة والجماعة: إلى أن الأفعال منشأ للمصلحة والمفسدة، إما لذاتها، وإما لاعتبارات، وإما لوصفها، وقد يستقل العقل بدرك بعض تلك الصفات، أي يعلم حسنها وقبحها، كحسن الإيمان بالله والعدل والصدق، وكقبح الكفر والظلم، وقد لا يستقل بذلك، ولا يعرفه مفصلًا في كل فعل بعينه إلا بخطاب الشرع، وما يعلم العقل حسنه أو قبحه لا يترتب على تركه أو فعله عقاب حتى يرد بذلك الشرع.

وعبَّر الزركشي الأشعري عن هذا المذهب بأنه: «المنصور لقوته من حيث النظر وآيات القرآن المجيد وسلامته من التناقض، وإليه إشارات متأخري الأصوليين والكلاميين فليتفطن له» (١).

ومن الأدلة الصحيحة التي يمكن التعويل عليها في إثبات الحسن والقبح العقليين: دليل الفطرة (٢) - أو ما يعبِّر عنه بعضهم: أن ذلك معلوم بالضرورة، وما كان كذلك فلا يحتاج إلى بحثه وتقريره بالأدلة (٣).

ولو تتبعنا نصوص الشرع لوجدنا الدلالة على أن هذا مركوز في الفطرة،


(١) البحر المحيط للزركشي (١/ ١٩١)، وانظر: مفتاح دار السعادة (٢/ ٤٠٧ - ٤٠٨)، (٣/ ٢٠ - ٢٣)، وإيثار الحق على الخلق (ص ٣٤٣).
(٢) انظر: إيثار الحق على الخلق (ص ٣٤٣).
(٣) انظر: الكاشف عن المحصول للأصفهاني (٢/ ٢٩٣) -القسم الثاني-.

<<  <   >  >>