للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كان ذلك في فعل واحد، ومن هنا فمن قال بالحسن والقبح لزمه القول بعدم الجواز، ومن لم يقل به لم يلزمه ذلك (١).

السادسة عشرة: حكم العمل بالقياس.

اختلف القائلون بالتحسين والتقبيح في حسن وقبح العمل بالقياس:

فمن منع العمل بالقياس عقلًا (٢)، قال: إن القياس رجم بالظن، والرجم بالظن جهل، والجهل قبيح، والأمر به قبيح، وما كان كذلك فلا يجوز عقلا القول به (٣).

ومن قال بالعمل به منهم، قال: إن النصوص لا تحيط بالحوادث، ولذا كان من الواجب أن يكون للناس طريق صالح لإثبات الحكم فيما لا نهاية له، وليس ذلك إلا بالقياس فكان في القياس دفعًا لهذا الضرر المظنون، فاقتضى العقل وجوب العمل به لدفع ذلك الضرر (٤). وعليه فإن من الحسن العمل به.

وقالوا: إن الأحكام مبنية على المصالح، وهي متفاوتة حسب تفاوت الزمان والمكان، فلا يمكن ضبطها إلا بالتفويض إلى الرأي، وإلا خلت الوقائع من الأحكام لعدم كفاية عمومات النصوص، ولذا كان من الجائز عقلًا العمل بالقياس لتحقيق تلك المصالح (٥).

ومن لم يقل بهذا الأصل فلا يلزمه ذلك، ونظر في العمل بالقياس إلى أدلة شرعية، وعقلية، ومنها ما ذكر في بيان كون العمل به حسنًا.


(١) انظر: أصول الجصاص (١/ ٣٧٤)، المعتمد (١/ ٤٠٧).
(٢) انظر: الإحكام (٤/ ١٣، ٢٢)، المعتمد (٢/ ٧٢٥)، الإبهاج (١/ ١٣٨)، المنخول (٤٢٥)، إحكام الفصول (٢/ ٧٢٥).
(٣) انظر: البرهان (٢/ ٤٩٢)، الإحكام (٤/ ١١).
(٤) انظر: المعتمد (٢/ ٧٢٥)، الإحكام (٤/ ١٣)، نهاية الوصول (٧/ ٣٠٧٧، ٣٠٧٥).
(٥) انظر: فواتح الرحموت (٢/ ٣١٠).

<<  <   >  >>