للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث السادس تكليف ما لا يطاق]

انعقد الإجماع على أن التكليف بالمستحيل لذاته أو عادة غير واقع في الشريعة، كالجمع بين الضدين، والطيران والمشي على الوجه، ونحو ذلك، وعندئذ أمكن القول بأن تكليف ما لا يطاق على ضربين (١):

أحدهما: ما لا يطاق لوجود ضده من العجز، مثل تكليف المقعد القيام، والأعمى الخط ونقط الكتاب، فهذا قد انعقد الإجماع على عدم وقوعه في الشريعة، لأن عدم الطاقة فيه ملحقة بالممتنع والمستحيل (٢).

والثاني: تكليف من علم الله كفره بالإيمان، علما بأن الإيمان في نفسه ممكن مقدور، فهذا التكليف به واقع قطعًا لكن بالغ الرازي ومن تبعه فسموه تكليفًا بما لا يطاق، وهذا خلاف الشرع، وأدخلوا هذا ضمن حججهم في جواز تكليف ما لا يطاق!.

وللناس كلام طويل في تحقيق مذهب أبي الحسن الأشعري، هل هو من القائلين بتكليف ما لا يطاق بناء على رأيه في قدرة المكلف أنها لا تكون قبل الفعل، وهي لا تبقى زمانين، فيلزم أن يكون العبد مكلفا بما لا يطيقه لعدم قدرته!، فهذا


(١) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٨/ ٢٩٨ - ٣٠٢).
(٢) والقول بأن التكليف بالمستحيل لذاته أو المستحيل عادة جائز عقلا، مما لا فائدة من بحثه أصلًا! انظر: إرشاد الفحول (١/ ٦٩ - ٧٠).

<<  <   >  >>