للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن المسائل الأصولية المبنية على مسألة الأصل:

المسألة الأولى: من قال من الأصوليين بتوجيه التكليف قبل الفعل -كما هو مذهب أكثر الطوائف من أهل السنة والمعتزلة وكثير من الأشعرية- فينظر إلى قوله في وقت القدرة: فإن كان ممن يقول بتقدمها على الفعل -سواء قال بالقدرة المقارنة للفعل كأهل السنة أو نفاها كالمعتزلة- فإنّه يمنع تكليف ما لا يطاق؛ لأنّ التكليف والقدرة كانا قبل الفعل فتصادفا.

وإن كان ممن يقول: إنَّ القدرة مع الفعل، ولا تتقدم عليه، -كما هو مذهب الأشعرية- فالقول بتكليف ما لا يطاق لازم له؛ لأنّ التكليف تقدم على القدرة، فكان تكليفًا لغير القادر.

ومن قال: إنّ التكليف لا يتوجه إلا مع الفعل-كما هو مذهب بعض الأشعرية- فينظر إلى قوله في وقت القدرة: فإن كان ممن يقول: إنها مع الفعل، فلا يلزمه القول بتكليف ما لا يطاق؛ لأنّ التكليف والقدرة تصادفا (١).

الثانية: خلاف المعلوم هل هو ممكن أو مستحيل؟ يبني على الخلاف في وقت القدرة، فمن يجعل القدرة نوعًا واحدًا مقارنًا للفعل -وهم الأشعرية- فإنّه يجعل خلاف المعلوم مستحيلا، وهو كذلك بهذا الاعتبار؛ فإنّ كل من لم يفعل الفعل لم تحصل له القدرة التي يوجد بها الفعل، فالقاعد ليس قادرًا على القيام بالنظر إلى القدرة المقارنة للقيام؛ لأنّه ما لم يحصل القيام لم تحصل تلك القدرة (٢).

أمّا من نظر إلى خلاف المعلوم باعتبار القدرة المتقدمة على الفعل، فإنّه يجعل خلاف المعلوم ممكنًا، وهو كذلك بهذا الاعتبار؛ إذ التكليف يتعلق بالقدرة


(١) تخريج الأصول على الأصول للعمري (ص ٣٣٨).
(٢) مجموع الفتاوى (٨/ ١٣٠).

<<  <   >  >>