(٢) يستثنى من ذلك الفلاسفة القائلون بقدم العالم وأنه قد صدر عن الله صدور المعلول عن العلّة الموجبة، فهؤلاء ينكرون أن الله يفعل بقدرته ومشيئته - تعالى الله عن قولهم - فانكروا الفعل الاختياري، وقد بالغوا في إنكار وقوع صغائر الذنوب غير الخسيسة من الأنبياء، ولإنكارهم الملائكة، يرون أن الوحي ما يفيض من العقل الفعال يستقبله من كان عنده استعداد لذلك الفيض، وهي أمور مكتسبة، فالأنبياء عندهم امتازوا بقوتهم العلميّة، بحيث يستغنون عن التعليم، وامتازوا بقوة التخييل، فيتشكل في نفوسهم خطاب يسمعونه كما يسمع النائم، ويتشكل لهم شخص يخاطبهم كما يخاطب النائم، ولهم قوة في التأثير والعمل، بحيث يؤثرون في العناصر تأثيرًا غريبًا فتقع منهم الخوارق، ويملكون تأثيرًا عجيبًا على عامة الناس، فيعملون بما يأتونهم به. وهؤلاء كفار زنادقة ملاحدة، حقهم أن لا يذكروا هنا، وكلّ ما قالوه مبني على التخرص والكذب، ليس عليه أثارة من علم ولا عقل، وسبيل المباحثة معهم: ردهم إلى فطرتهم بالإقرار بالله -جل وعلا-، وقدرته ومشيئته بالطرق الصحيحة الدالة على ذلك. وإثبات النبوة كذلك. انظر: منهاج السنة النبوية (٢/ ٤١٥ - ٤١٦)، والجواب الصحيح (٥/ ٣٤٤)، ودرء تعارض العقل والنقل (٨/ ١٦١).