للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المطلب الثاني: عصمة الأنبياء بعد النبوة:

اختلف الناس في العصمة بناء على مذاهبهم في الأفعال -أفعال العباد- وأثر قدرتهم في أفعالهم

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «و مما يبين الكلام في مسألة العصمة، أن تعرف النبوة ولوازمها وشروطها، فإن الناس تكلموا في ذلك بحسب أصولهم في أفعال الله تعالى، إذ كان جعل الشخص نبيًا رسولًا من أفعال الله تعالى» (١).

وتفصيل ذلك، ببيان أقسام الناس في أفعال الله، عند من يثبتها، وهم كل أهل الملة (٢)، وهم على ثلاث طوائف:


(١) منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية (٢/ ٤١٣ - ٤١٤).
(٢) يستثنى من ذلك الفلاسفة القائلون بقدم العالم وأنه قد صدر عن الله صدور المعلول عن العلّة الموجبة، فهؤلاء ينكرون أن الله يفعل بقدرته ومشيئته - تعالى الله عن قولهم - فانكروا الفعل الاختياري، وقد بالغوا في إنكار وقوع صغائر الذنوب غير الخسيسة من الأنبياء، ولإنكارهم الملائكة، يرون أن الوحي ما يفيض من العقل الفعال يستقبله من كان عنده استعداد لذلك الفيض، وهي أمور مكتسبة، فالأنبياء عندهم امتازوا بقوتهم العلميّة، بحيث يستغنون عن التعليم، وامتازوا بقوة التخييل، فيتشكل في نفوسهم خطاب يسمعونه كما يسمع النائم، ويتشكل لهم شخص يخاطبهم كما يخاطب النائم، ولهم قوة في التأثير والعمل، بحيث يؤثرون في العناصر تأثيرًا غريبًا فتقع منهم الخوارق، ويملكون تأثيرًا عجيبًا على عامة الناس، فيعملون بما يأتونهم به.
وهؤلاء كفار زنادقة ملاحدة، حقهم أن لا يذكروا هنا، وكلّ ما قالوه مبني على التخرص والكذب، ليس عليه أثارة من علم ولا عقل، وسبيل المباحثة معهم: ردهم إلى فطرتهم بالإقرار بالله -جل وعلا-، وقدرته ومشيئته بالطرق الصحيحة الدالة على ذلك. وإثبات النبوة كذلك.
انظر: منهاج السنة النبوية (٢/ ٤١٥ - ٤١٦)، والجواب الصحيح (٥/ ٣٤٤)، ودرء تعارض العقل والنقل (٨/ ١٦١).

<<  <   >  >>