للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأولى: مثبتو الحكم والأسباب على وفق حكمة الله البالغة ومشيئته النافذة، وأن أفعال الله كلها حكمة سواء ظهرت للناس أم لم تظهر، وأن الله يمن على من يشاء بالهداية والتوفيق رحمة منه وفضلًا، ويضل من يشاء حكمة منه وعدلًا، وأنه يصطفي من يشاء حسب علمه وحكمته، وهو أعلم حيث يجعل رسالته، وهذا قول أهل السنة والجماعة.

قال تعالى: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام: ١٢٤] (١)، فإنه يصطفي من الملائكة رسلًا ومن الناس كما قال: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ﴾ [الحج ٧٥]؛ فرسل الله هم خيار الناس، ومما علمناه من حكمة الله نعلم أن الله لا يبعث نبيًّا فاجرًا، ولذلك أجمعنا على تنزيه الأنبياء من أن يكونوا من الفجار والفساق، ونقطع أن ما ينزل على البر الصادق لا يكون إلا ملائكة، لا تكون شياطين أبدًا، ونعلم أن من كمال فضل الأنبياء وخوفهم وعبوديتهم وتواضعهم، أن تقع منهم بعض الصغائر غير الخسيسة (٢)، يكمل الله بها عبوديتهم بالتوبة وزيادة الخوف والخضوع، فيرفع الله درجاتهم، فالعصمة حاصلة لهم في الصغائر غير الخسيسة بعدم الإصرار عليها أصلًا، وبالتنبيه عليها، ليتداركوها ويحصل لهم مزيد فضل ورفعة درجة.


(١) انظر: المصدر نفسه: (٢/ ٤١٦).
(٢) والمقصود بالصغائر الخسيسة: (ما يوجب الحكم على فاعله بالخسة ودناءة الهمة وسقوط المروءة، كسرقة حبة أو كسرة). الإحكام للآمدي (١/ ١٧١).

<<  <   >  >>