للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأمّا غير المعتزلة: فلا يجعلون مدار الأحكام على تحسين العقل وتقبيحه، ولا على وجوب الصلاح، فلا يمتنع أن يجعل الله المصلحة في اجتناب الجمع بين الفعلين، حتى لو فعل المكلف أحدهما لم تحصل المفسدة المترتبة على الجمع بينهما (١).

التاسعة: التعبد بالعمل بخبر الآحاد.

اختلف القائلون بالتحسين والتقبيح في التعبد بالعمل بخبر الآحاد.

فمنعه بعضهم؛ لأن «التكاليف تعتمد تحصيل المصالح ودفع المفاسد، وذلك يقتضي أن تكون المصلحة أو المفسدة معلومة، وخبر الواحد لا يفيد إلا الظن، وهو يجوز خطؤه فيقع المكلَّف في الجهل والفساد، وهو غير جائز» (٢)، ولأن في تعليق التكاليف به مفسدة استباحة الأموال والأعراض بأمر مظنون يجوز خطؤه.

وأجاز العمل به آخرون؛ لما في العمل به من الحسن؛ وذلك لأن المتواتر عزيز، فلو لم يعمل بخبر الآحاد لتعطلت المصالح (٣).

العاشرة: منع المعصية على النبي قبل بعثته عقلًا (٤)؛ لأن المعصية توجب احتقارًا لصاحبها، فتنفر الطبائع عن اتباعهم، وذلك قبيح عقلًا، وهو خلاف المصلحة، ولذا يمتنع أن يقع ما هو خلاف المصلحة (٥).


(١) تخريج الأصول على الأصول (ص ٥٩٢)، وانظر: البحر المحيط (١/ ٢٧٢) شرح الكوكب (١/ ٣٨٨ - ٣٨٩) وسلاسل الذهب (ص ١٢٢).
(٢) شرح تنقيح الفصول (٣٥٢).
(٣) انظر: أسباب الخلاف لإسماعيل الحاج (٢٣٩).
(٤) انظر: شرح العضد (٢/ ٢٢)، أصول ابن مفلح (١/ ٣٢٢)، التقرير والتحبير (٢/ ٢٢٤)، التحبير (٣/ ١٤٤٠)، شرح الكوكب (٢/ ١٦٩).
(٥) انظر: شرح الأصول الخمسة (٥٧٤)، شرح العضد (٢/ ٢٢)، أصول ابن مفلح (١/ ٣٢٢)، التحبير (٣/ ١٤٤٠).

<<  <   >  >>