للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقررًا لشريعة نبينا، ومن شريعته إقرارهم بالجزية» (١) فكيف يضعها عنهم؟

ومحصل إجابات أهل العلم فيه:

(١) قال النووي: «إن هذا الحكم (أي أخذ الجزية) ليس بمستمر إلى يوم القيامة، بل هو مقيد بما قبل عيسى ، وقد أخبرنا النبي في هذه الأحاديث الصحيحة بنسخه، وليس عيسى هو الناسخ، بل نبينا هو المبين للنسخ، فإن عيسى يحكم بشرعنا، فدل على أن الامتناع من قبول الجزية في ذلك الوقت هو شرع نبينا محمد » (٢).

وكونه حاكمًا، دل عليه الرواية المتقدمة (حكمًا): أي (حاكمًا، والمعنى أنه ينزل حاكمًا بهذه الشريعة فإن هذه الشريعة باقية لا تنسخ، بل يكون عيسى حاكمًا من حكام هذه الأمة) (٣).

(٢) وقد أجاب بعضهم بأن وضع الجزية زمن نزول عيسى إنما هو لكثرة المال حتى لا يقبله أحد، بخلاف ما قبل نزوله، فالحاجة إلى المال قائمة (٤).

وهذه الإجابة محتملة، والأولى أقوى منها، لأن عيسى لا يقبل منهم إلا الإسلام أو القتال، فمن هنا جاء وضع الجزية، لا من كثرة المال.

(٣) وإجابة ثالثة نقلها ابن حجر عن بعض مشايخه -ولم يسمه- فقال: «ويحتمل أن يقال إن مشروعية قبولها من اليهود والنصارى لما في أيديهم من شبهة الكتاب، وتعلقهم بشرع قديم بزعمهم، فإذا نزل عيسى زالت الشبهة بحصول معاينته،


(١) البحر المحيط للزركشي (١/ ٢١٧).
(٢) شرح النووى على صحيح مسلم (٢/ ١٩٠).
(٣) فتح الباري -لابن حجر (٦/ ٥٦٧).
(٤) انظر: فتح الباري -لابن حجر (٦/ ٥٦٧).

<<  <   >  >>