للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحنفية، والصوفية، والرافضة (١).

وهذا القول ساقط، ويترتب عليه مفاسد عظيمة؛ إذ «لو أعطي كل امرئ بدعواه المعرَّاة، لما ثبت حق ولا بطل باطل، ولا استقر أحد على مال، ولا انتصف من ظالم، ولا صحت ديانة أحد أبدًا؛ لأنه لا يعجز أحد عن أن يقول: ألهمت أن دم فلان حلال، وأن ماله مباح لي أخذه، وأن زوجته مباح لي وطؤها» (٢).

ومن الدلائل على بطلانه أنه يعارض بمثله، فإن قال قائل: ألهمت أن ما أقوله حق وصواب. قال خصمه: وأنا ألهمت أن قولي حق، أو أن ما تقوله خطأ (٣).

القول الثاني: الإلهام ليس حجة مطلقًا، وبه قال جمع من أهل العلم منهم القفال الشاشي، وابن السبكي، والنسفي (٤).

والدليل: كونه خيالًا، ولا يعرف أهو حق أو باطل، وأكثر ما يقع للناس إنما هو من وسوسة الشيطان، فليس هو من العلم، وليس على جوازه دليل.

قال ابن أمير حاج: "الإلهام ليس بحجة مطلقًا، لانعدام ما يوجب نسبته إلى الله" (٥).

والجواب أن الدليل قام على ما سيأتي في القول الثالث.


(١) انظر: ميزان الأصول للسمرقندي (٦٧٩)، جمع الجوامع مع تشنيف المسامع (٣/ ٤٥٥)، البحر المحيط (٦/ ١٠٣)، فواتح الرحموت (٢/ ٤٢٢)، درء تعارض العقل والنقل (٨/ ٢٩).
(٢) الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (١/ ١٧).
(٣) انظر: الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (١/ ١٧)، قواطع الأدلة (٢/ ٣٥١).
(٤) انظر: البحر المحيط (٦/ ١٠٣)، العقائد النسفية (٤١)، تيسير التحرير (٤/ ١٨٥)، روح المعاني للألوسي (٨/ ٣٤٠).
(٥) تيسير التحرير (٤/ ١٨٥).

<<  <   >  >>