للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دليلًا (١) فقد جوَّز انعقاد الإجماع لا عن دليل؛ لأن الإجماع يكون حينئذ من توفيق الله وإلهامه لهم لإصابة الحق؛ وإذا كان توفيقًا وإلهامًا فلا حاجة إلى مستند ودليل.

ومن لم يجوِّز الإلهام منع من ذلك.

المسألة الثانية: حجية الاستحسان المعبَّر عنه بأنه: دليل ينقدح في نفس المجتهد تعسر عبارته عنه.

قال ابن تيميَّة: «وأما الاستدلال على الأحكام بالإلهام، فتلك مسألة أخرى، ليس هذا موضعها، والكلام في ذلك متصل بالكلام على الاستحسان والرأي وأنواعهما، وأن ما يعنيه هذا بالاستحسان، قد يعنيه هذا بالإلهام. وليس الكلام فيما علم فساده من الإلهام لمخالفته دليل الحس والعقل والشرع، فإن هذا باطل، بل الكلام فيما يوافق هذه الأدلة لا يخالفها» (٢).

وقال الطوفي: «وإنما امتنع من هذا كثير من الناس من جهة أن هذا يصير حكمًا في الشرع بما يشبه الإلهام، وأحكام الشرع إنما بنيت على ظواهر الأدلة، فتدور معها وجودًا وعدمًا» (٣).

المسألة الثالثة: حجية الترجيح بين الأدلة إذا تكافأت.

قال ابن تيميَّة: « … ولكن إذا اجتهد السالك في الأدلة الشرعيَّة الظاهرة فلم ير فيها ترجيحًا، وألهم حينئذ رجحان أحد الفعلين مع حسن قصده وعمارته بالتقوى، فإلهام مثل هذا دليل في حقه، قد يكون أقوى من كثير من الأقيسة العقليَّة،


(١) انظر: ميزان الأصول (٢/ ٧٥٦)، سلاسل الذهب (٣٥٧)، البحر المحيط (٤/ ٤٥١)، التحرير مع التقرير والتحبير (٣/ ١١٠)، فواتح الرحموت (٢/ ٢٣٩).
(٢) درء تعارض العقل والنقل (٨/ ٤٦).
(٣) شرح مختصر الروضة (٣/ ١٩٢ - ١٩٣).

<<  <   >  >>