للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرافضة، وبعض الظاهرية.

المذهب الثالث: منع المجاز مطلقًا، ونسبه الأصوليون إلى الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (١) وابن القيم (٢) ومحمد الأمين الشنقيطي (٣) وغيرهم.

وبسط الأدلة المناقشات يطول هنا، وللاستزادة يرجع إلى أصل الكتاب.

أما الآثار المترتبة على القول بالمجاز في أصول الدين فظهر من خلال القول أن ظاهر اللفظ غير مراد، والمجاز قائم على أساس ذلك، وقد أدخله أكثر القائلين به في كلام الله، فنتج منه شر مستطير، وصار معتصم كل مبطل ومحرف لنصوص الشرع (٤).

فقالوا: إن الأدلة الواردة في صفات الله مجاز لم يرد بها حقائقها، والذي دل على المجاز ليس مفردات الألفاظ، وإنما العقل، وعندئذ يطالبون ببيان ما يمنع إجراءها على ظاهرها، وعلم بهذا أن الخلاف في المجاز إثباتًا ونفيًا، ليس لفظيًا، خاصة في العقلي منه.

وقد أورد الأصوليون في أمثلتهم عددًا من الصفات، وقعوا في تحريفها باعتبار أن ظاهر اللفظ غير مراد، من تلك الصفات: الاستواء على العرش، صفة اليدين، والمجيء، والوجه، رؤية الله في الآخرة (٥).


(١) ذكره في الإيمان، ضمن مجموع الفتاوى (٧/ ٩٦).
(٢) في الصواعق المرسلة، انظر مختصره (٢/ ٢٧١) فما بعدها.
(٣) انظر: رسالة منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز. وقد نص على منعه في اللغة كذلك (ص ٨).
(٤) نقله عنه الزركشي في البحر المحيط (٣/ ٥١).
(٥) وقد ذكر أبو الحسين البصري - وقد وافقه الرافضة - ضمن أمثلة المجاز في القرآن قول الله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢، ٢٣]، وهذا لأن الرؤية عنده مستحيلة، أما الأشاعرة الأصوليون فلم يوردوا ما يتعلق بالرؤية ضمن المجاز، لأنهم يثبتونها، ولكن بطريقة تخالف ما عليه السلف. انظر: التوحيد لابن خزيمة (١/ ٢٤ - ٤٤).
ثم استطردوا في كتب الأصول في مسألتين متعلقتين بالرؤية:
الأولى: ما هي علة جواز الرؤية، والثانية: هل يرى الله في جهة أو لا؟ وإذا قيل: لا، فهل الرؤية على ظاهرها، أو هي علم أجلى؟.

<<  <   >  >>