للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما المتأخرون فذكروا أن للحسن والقبح إطلاقات ثلاثة:

الإطلاق الأول: على معنى ملاءمة الشيء للطبع أو منافرته.

والإطلاق الثاني: على معنى كون الشيء صفة كمال كالعلم والصدق، أو صفة نقص كالجهل والظلم.

والإطلاق الثالث: على معنى أن الفعل متعلَّق الذم عاجلا وعقابه آجلًا، أو المدح عاجلًا، والثواب آجلًا.

وذكروا أنه لا خلاف في أن الإطلاقين الأولين عقليان، وأما الثالث فهو محل النزاع (١).

وخلاصة ما سبق أنَّ المعتزلة ذهبت في تعريف الحسن والقبح إلى أنَّ الحسن: ما لفاعله أن يفعله، والقبيح: ما ليس لفاعله أن يفعله، وهم يجعلون حسنه وقبحه ناشئ عن نفس الفعل.

وذهبت الأشعرية إلى أنَّ الحسن: ما ورد الشرع بتعظيم فاعله، والثناء عليه، والقبيح يقابله. وجعلوا منشأ الحسن والقبح هو الأمر والنهي لا غير.

وذهب أهل السنة والجماعة إلى أن منشأ الحسن والقبح مجموع الأمرين: الأوامر والنواهي، وكذا الأفعال، وتعريفهم موافق لتعريف الأشاعرة، فالحسن: ما أُمر به شرعًا، والقبيح: ما نُهي عنه شرعًا. وهذا لا يعني عدم وجود الصفات المتعلقة بالأفعال حقيقة (٢).


(١) انظر: المستصفى (١/ ٥٦)، و المحصول (١/ ١٢٣ - ١٢٤)، والإحكام للآمدي (١/ ٧٩ - ٨٠)، والكاشف عن المحصول (٢/ ٢٧٢ - ٢٧٣) القسم الثاني، وشرح العضد (١/ ٢٠٠).
(٢) تخريج الأصول على الأصول للعمري (ص ١٨٩ - ١٩١)، وشرح مختصر الروضة (١/ ٤٠٤)، الإبهاج (١/ ٦٢)، البحر المحيط (١/ ١٦٩)، مجموع الفتاوى (١٤/ ١٤٦)، (١٧/ ١٩٨)، شرح الكوكب (١/ ٣٠٦).

<<  <   >  >>