للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحسين : (أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة) (١)، وقوله لرجل لدغته العقرب: (أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق، لم تضرك) (٢) إلى غير ذلك من الأدلة، ومعلوم أنه لا تجوز الاستعاذة بمخلوق مما لا تصلح إلا بالله، فدل ذلك على أن كلمات الله غير مخلوقة (٣).

ومن الأدلة الدالة على تعلق كلام الله بمشيئته: قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [النحل: ٤٠] فقوله: ﴿كُنْ﴾ هو بعد إرادته لتكوين ذلك الشيء.

وذهبت الأشاعرة والماتريدية إلى أن كلام الله ﷿ نفسي، وهو صفة له أزلية، ولا يكون بحرف وصوت، ولا يتعلق بمشيئته، ويرى جمهورهم أنه معنى واحد، لا يتعدد، وأن الأمر والنهي والخبر صفات لذلك الكلام، وإنما يصير أمرًا ونهيًا وخبرًا عند حدوث التعلق.

ومنهم من قال: كله في الأزل خبر، ويرى قليل من هؤلاء أن الكلام منقسم في الأزل إلى أمر ونهي وخبر، وهو مع ذلك نفسي وواحد (٤).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الأنبياء، باب (١٠)، برقم (٣٣٧١).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب في التعوذ من سوء القضاء، برقم (٢٧٠٩).
(٣) انظر: جامع البيان للطبري (١١/ ٢٠/ ٢ - ٥)، وأضواء البيان (٧/ ٦١٨ - ٦٢١).
(٤) انظر: التمهيد للباقلاني (ص ٢٨٤)، والإنصاف له (ص ١٠٩)، والإرشاد للجويني (ص ١١)، وقواعد العقائد للغزالي (ص ٨٣). وانظر في كتب الأصول التقريب للباقلاني (١/ ٣١٧)، والبرهان للجويني (١/ ١٤٩)، و البحر المحيط للزركشي (٢/ ١٠٠)، ١٠٣)، وشرح تنقيح الفصول (٤٠، ٦٩).
وهذا الذي ذهب إليه هؤلاء لم يسبقوا إليه قط، وقد خرقوا الإجماع، فالناس قبلهم كانوا على قولين، قول السلف الذي تقدم بيانه، ثم قول المعتزلة المبتدع وهو أن كلام الله بحرف وصوت يسمع ولكنه مخلوق.

<<  <   >  >>