يطعمهم بقدر كفايتهم (فقالت: الله ورسوله أعلم) كأنها عرفت أنه فعل ذلك عمداً لتظهر له الكرامة في تكثير الطعام ودل ذلك على فطنة أم سليم ورجحان عقلها، قال الحافظ بعد ذكر روايات: فيها ملاقاة أبي طلحة للنبيّ وإخباره بقلة الطعام الذي عنده، وفي رواية يعقوب:«قال أبو طلحة إنما أرسلت أنساً يدعوك وحدك ولم يكن عندنا ما يسع من أرى فقال: ادخل فإن الله سيبارك فيما عندك» وفي رواية أنس: «فدخلت على أم سليم وأنا مندهش» ، وفي أخرى:«أن أبا طلحة قال: يا أنس فضحتنا» ، وللطبراني في «الأوسط» : «فجعل يرميني بالحجارة»(فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه حتى دخلا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هلمي) قال الحافظ: كذا لأبي ذرّ عند الكشميهني ولغيره هلم، وهي لغة حجازية هلم عندهم اسم فعل لا يؤنث ولا يثنى ولا يجمع، ومنه قوله تعالى:
{هلم شهداءكم}(الأنعام: ١٥٠) وهي لطلب ما بعدها: أي احضري (ما عندك يا أم سليم، فأنت بذلك الخبز فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففت) بالبناء للمجهول (وعصرت عليه) أي على المفتوت المدلول عليه بالفعل قبله أو على الخبز والأول أقرب لأن الضمير يعود إلى أقرب مذكور ما لم يصرف صارف لكن ما يأتي في الكلام على قوله: «ثم قال فيه ما شاء الله أن يقول» يؤيد الأول، إلا أن يقال: عصرها عليه بعد الفت زيادة في التطرية وعصره قبله ليلين وينكسر فيه كما يريد والله أعلم (أم سليم عكة) بضم العين المهملة وتشديد الكاف، قال في «النهاية» : هي وعاء من جلد مستدير مختص بالسمن والعسل وهو بالسمن أخص ومثله في «الفتح»(فآدمته) بمد الهمزة وتخفيف الدال المهملة: أي صيرت الخارج منها إداماً له (ثم قال فيه) أي عليه (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله أن يقول) فقال أبو طلحة: «قد كان في العكة شيء فجاء بها فجعلا يعصرانها حتى خرج، ثم مسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به ثيابه، ثم مسح القرص فانتفخ وقال: بسمالله، فلم يزل يصنع ذلك والقرص ينتفخ حتى رأيت القرص في الجفنة يتسع» ، وفي رواية:«فمسحها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعها فيها بالبركة» ، وفي رواية:«فجئت بها ففتح رباطها ثم قال: بسم الله اللهم أعظم فيها البركة» قال الحافظ بعد ذكر ذلك وتعيين راوي كل رواية منها: وعرف بهذا المراد بقوله: «ما شاء الله أن يقول»(ثم قال: ائذن لعشرة فأذن) بالبناء للفاعل: