للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقصد الجهاد وخوف العدو إذا أحاط بهم الكفرة، فصار خوف العدو عذراً أحصروا به. قيل: المراد بهم فقراء المهاجرين من قريش وغيرهم، وقيل: أصحاب الصفة المنقطعين بكليتهم إلى الله تعالى. قال ابن عطية: يتناول كل من دخل تحت صفة الفقراء غابر الدهر، وقوله: في سبيل الله يحتمل الجهاد ويحتمل الدخول في الإسلام ( {لا يستطيعون ضرباً في الأرض} ) ذهاباً بالتجارة فيها لاشتغالهم بالجهاد وبا أو لغلبة الكفرة في البلاد ( {يحسبهم الجاهل} ) بحالهم ( {أغنياء من التعفف} ) من أجل تعففهم عن السؤال ( {تعرفهم بسيماهم} ) من التخشع وأثر الجهد والضيق، وقيل: أثر السجود. قال ابن عطية: وهذا أحسن لأنهم متفرغون متوكلون لا شغل لهم غالباً سوى الصلاة فكان أثر السجود عليهم أبداً ( {لا يسألون الناس إلحافاً} ) أي إلحاحاً والآية تحتمل نفي السؤال عنهم جملة فيكون من نفي المقيد وهذا ما عليه الجمهور، ويحتمل أن سؤالهم: أي إن سألوا عن مزيد الحاجة لا يلحون: أي لا يظهر لهم سؤال بل هو قليل، وباحتماله فيكون النفي للقيد، وهذا هو الأكثر في النفي المتوجه إلى كلام مقيد كما قاله السفاقسي. قال الثعالبي: بعيد من ألفاظ الآية فتأمله، وينبغي للفقير أن يتعفف في فقره ويكتفي بعلم ربه. قال العارف با ابن أبي جمرة: وقال أهل التوفيق من لم يرض باليسير فهو أسير. ومن كلام عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: استغن عمن شئت تكن نظيره، وتفضل على من شئت تكون أميره، واحتج إلى من شئت تكن أسيره.

قال ابن عطية: في الآية تنبيه على سوء حال من يسأل الناس إلحافاً.

(وقال تعالى) : ( {والذين إذا أنفقوا} ) أي من الطاعات لأنهم محفوظون من غيرها كما قال ابن عطية ( {لم يسرفوا} ) أي لم يفرطوا حتى يضيعوا حقاً ناجزاً أو عيالاً أو نحوه ( {ولم يقتروا} ) أي لم يفرطوا في الشحّ ( {وكان بين ذلك قواماً} ) وسطاً وعدلاً، سمي به لاستقامة الطرفين كما سمي سواء لاستوائهما، والقوام في حق كل بحسب عياله وخفة ظهره وصبره وجلده على الكسب أو ضد هذه الخصال، وخير الأمور أوساطها، وقواماً خبر ثان أو حال مؤكدة، ويجوز أن يكون الخبر و «بين» : ظرف لغو، وقيل: إنه اسم كان، بني لإضافته لغير متمكن، وضعف بأنه بمعنى

<<  <  ج: ص:  >  >>