للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يشبع. وقال ابن أبي حمزة:

في الحديث فوائد منها أنه قد يقع الزهد مع الأخذ، فإن سخاوة النفس هو زهدها، تقول: سخت بكذا: أي جادت به، وسخت عن كذا: أي لم تلتفت إليه. ومنها أن الأخذ مع سخاوة النفس يحصل أجر الزهد والبركة في الرزق، فتبين أن الزهد يحصل خيري الدارين. وفيه ضرب المثل لما لا يعقله السامع مع الأمثلة، لأن الغالب من الناس لا يعرف البركة إلا في الشيء الكثير، فتبين بالمثال المذكور أن البركة خلق من الله خلق، وضرب لهم المثل بما يعهدون، فالآكل إنما يأكل ليشبع، فإذا أكل ولم يشبع كان غياً في حقه بغير فائدة في عينه إنما هي لما يتحصل به من المنافع، فإذا كثر عند المرء من غير تحصيل منفعته كان وجوده كالعدم: «واليد العليا خير من اليد السفلى» في «صحيح البخاري» : فاليد العليا هي المنفقة والسفلى هي السائلة. قال في «فتح الباري» : عند النسائي من حديث طارق بن المخارق قال: قدمنا المدينة فوجدنا النبيّ قائماً على المنبر يخطب الناس وهو يقول: يد المعطي العليا، ولابن أبي شيبة والبزار من طريق ثعلبة بن زهدم مثله. وقال في «الفتح» بعد إيراد أحاديث: فهذه متضافرة على أن اليد السفلى هي السائلة والعليا هي المعطية، وهذا هو المعتمد وهو قول الجمهور، ثم ذكر مقابل ذلك أقوالاً بسط بيانها في «الفتح» (قال حكيم: فقلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أزرأ أحداً بعدك شيئاً حتى أفارق الدنيا) هو غاية في ألا برزأ أحداً لأن من المعلوم أنه بعد مفارقته الدنيا لا يحتاج لمال، وإنما هو كناية عن دوام الانكفاف عن الغير أبداً (فكان أبو بكر رضي

الله عنه) أي لما صار خليفة (يدعو حكيماً ليعطيه) أي ما يستحقه من المغنم (فيأبى أن يقبل منه شيئاً ثم إن عمر رضي الله عنه) لما صار إليه الأمر بعد الصديق رضي الله عنه (دعاه ليعطيه فأبى أن يقبله) أي ولا شيئاً منه كما يدل عليه ما قبله (فقال: يا معشر المسلمين، أشهدكم على حكيم أني أعرض عليه حقه الذي قسم ا) العائد فيه ضمير منصوب محذوف (له في الفيء فيأبى أن يأخذه) قال في «المصباح» : المعشر والقوم والرهط والنفر: الجماعة من الرجال دون النساء والجمع معاشر، وفي «فتح الباري» : إنما امتنع حكيم من أخذ العطاء مع أنه حقه لأنه خشي أن يقبل من أحد شيئاً فيعتاد الأخذ فيتجاوز به إلى ما لا يريده ففطمها عن ذلك، وترك ما لا

<<  <  ج: ص:  >  >>