للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بثلاث عشرة سنة بجوف الكعبة ولا يعرف هذا لغيره، وما روي أن علياً ولد فيها فضعيف عند العلماء، عاش ستين سنة في الجاهلية، وأسلم عام فتح مكة، وعاش في الإسلام ستين سنة على ما تقدم فيه، ولم يشاركه في هذا إلا حسان بن ثابت. والمراد بقولهم وستين في الإسلام: أي من حين ظهوره مظهراً فاشياً، وكان من أشراف قريس ووجوهها جاهلية وإسلاماً ولم يصنع في الجاهلية من المعروف شيئاً إلا صنع في الإسلام مثله، وتقدمت ترجمته أيضاً في باب الصدق (قال: سألت رسول الله) أي من الدنيا (فأعطاني ثم سألته) أي مستكثراً منها (فأعطاني ثم قال) كأن حكمة تأخير هذا القول عن الإعطاء دفع توهم أن ذلك لبخل في المسؤول (يا حكيم) فيه نداء الرجل باسمه، وفيه تنبيه وإيماء إلى هذا الاسم يؤذن بقيامه بالحكمة وهي المعرفة فكأنه قال: يا موصوفاً بالحكمة الداعية إلى الزهادة في الدنيا والإقبال على الآخرة (إن هذا المال خضر) بفتح أوله وكسر ثانيه المعجمين: أي كالخضر في ميل النظر إليه وإلف النفس به (حلو) بكسر المهملة وسكون اللام، قال الحافظ: معناه أن صورة المال وإنما هو للتشبيه فكأنه قال: المال كالبقل الخضر الحلو أو على معنى فائدة المال: أي إن الحياة به أو العيشة به، أو أن المراد بالمال هنا الدنيا لأنه من زينتها قال تعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا} (الكهف: ٤٦) (فمن أخذه بسخاوة) بفتح السين المهملة وبالخاء المعجمة (نفس) أي بغير شره ولا إلحاح: أي أخذه بغير سؤال هذا بالنسبة للأخذ، ويحتمل أن يكون بالنسبة للمعطي: أي بسخاوة نفس المعطي: أي بانشراحه فيما بذله (بورك له فيه) فوقع منه القليل من المال والبركة موضع الكثير منه مع فقدها (ومن أخذه بإشراف) بالشين المعجمة (نفس) أي انتظارها له

وحرصها عليه كما يأتي بنحوه في الأصل (لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع) أي الذي يسمى جوعه كذاباً لأنه من علة به وسقم، فكلما أكل ازداد سقماً ولم يجد شبعاً. وفي الحديث وجوه من التشبيهات بديعة: تشبيه المال وثمره بالنبات وظهوره، وتشبيه آخذه بغير حق بمن يأكل ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>