بحزمة من حطب على ظهره) من نفسه أو من ظهر دابته والأول أنسب بما قبله (فيبيعها فيكف الله بها وجهه) أي فيمنع بها ذاته من الحاجة، وعبر بالوجه عن الكل لأنه أشرف الأجزاء الإنسانية، أو لأن السؤال إنما يكون به غالباً (خير له من أن يسأل الناس) قال الحافظ في «الفتح» : خير ليس للتفضيل إذ لا خير في السؤال مع القدرة على الكسب، بل الأصح حرمته عند الشافعي، ويحتمل أنه كذلك بحسب اعتقاد السائل وتسمية الذي يعطاه خيراً وهو في الحقيقة شر (أعطوه أو منعوه) تقسم للسؤال المفضل عليه الاكتساب، وتصدير الحديث بالقسم الدال عليه اللام كما تقدم لتأكيده في نفس السامع وفيه مزيد الحض على التعفف عن المسألة والتنزه عنها، ولو امتهن المرء نفسه في طلب الرزق وارتكب المشاق في ذلك، ولولا قبح المسألة في نظر الشرع لما فضل عليها ذلك، وذلك لما يدخل على السائل من ذل السؤال ومن الرد إذا لم يعط ولما يدخل على المسؤول من الضيق من ماله إن أعطى كل سائل (رواه البخاري) في الزكاة من «صحيحه» ، ورواه ابن ماجه في الزكاة من «سننه» أيضاً.
٢ - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره) أي فيبيعها فيكف الله بها وجهه كما تقدم في حديث الزبير قبله، قال الحافظ في «الفتح» : وحذف من هذه الرواية لدلالة السياق عليه (خير له من أن يسأل أحداً) هو بمعنى قوله فيما قبله: من أن يسأل الناس (فيعطيه أو يمنعه متفق عليه) رواه البخاري في الزكاة من «صحيحه» ورواه مسلم فيها من طريق آخر من «صحيحه» ، ورواه الترمذي من طريق مسلم في الزكاة وقال: حسن غريب مستغرب من حديث بيان عن قيس.
٣ - (وعنه عن النبي قال: كان داود عليه السلام لا يأكل إلا من عمل يديه) قال