(من لا يخشى) يخاف (الفقر) لشدة معرفته بهبات ربه وسعة خزائن فضله، وقوله:(وإن) مخففة من الثقيلة: أي وإنه (كان الرجل ليسلم) أي يدخل في الإسلام وينتظم في عدادهم (ما يريد)
بإسلامه (إلا الدنيا) لما يرى من مزيد بذله تأليفاً على الإسلام وترغيباً (فما يلبث) بفتح التحتية والموحدة وسكون اللام بينهما: أي يمكث (إلا) زمناً (يسيراً) تشرق في قلبه أشعة أنوار الإيمان وتخالط بشاشته قلبه فيتمكن منه (حتى يكون الإسلام أحبّ إليه من الدنيا وما عليها) فهذا من كمال رحمته ومزيد معرفته، أن دواء كل داء بما يقطع مادته من أصلها لتقلب تلك الأمراض إلى ضدها، فصلى الله وسلم عليه وزاده فضلاً وشرفاً لديه. وفيه عناية الله بأولئك الذين أهلهم لمعاملة نبيه المصطفى إياهم بتلك المعاملة لينالوا الدرجات العلية (رواه مسلم) في فضائل الأنبياء من «صحيحه» .
١١ - (وعن عمر) بن الخطاب (رضي الله عنه قال: قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسماً) أي ما يقسم من ماله الغنائم أو الخراج أو نحو ذلك (فقلت) معطوف على مقدر دل عليه الكلام فأعطى أناساً وترك آخرين (يا رسول الله لغير هؤلاء) أي المعطين (كانوا أحق) أي أولى (به) أي بالعطاء (منهم) أي من هؤلاء وآكد باللام المؤذنة بالقسم المقدر وإسمية الجملة لما فهمه من ترك النبي إعطاءهم من أن غيرهم أحق بذلك منهم، قال الأبي: وهذا التنبيه لظنه أن الإيثار بالعطاء بحسب الفضيلة والسابقة في الدين، فبين له سببه بقوله:(قال: إنهم خيروني) قال الأبي: الأظهر أنه بلسان الحال: أي وكلوا الخيرة إلى (بين أن يسألوني بالفحش فأعطيهم) أو أن (يبخلوني) معناه كما قال المصنف أنهم ألحوا عليّ في السؤال لضعف إيمانهم وألجئوني بمقتضى حالهم إلى السؤال بالفحش أو بنسبتي إلى البخل (ولست بباخل) ولا ينبغي احتمال أحد الأمرين، وقال الأبي نقلاً عن عياض: المعنى أنهم أشطوا عليه في السؤال على وجه يقتضي أنه إن أجابهم إليه حاباهم، وإن منعهم آذوه وبخلوه، فاختار أن يعطي إذ ليس البخل من خلقه مداراة وتألفاً كما قال: «شرّ الناس من اتقاه