للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

امتدت وكملت (أو) شك من الراوي (وفرت) بتخفيف الفاء (على جلده حتى تخفى بنانه) مفاصل الأصبع بالموحدة ونونين، ومن قاله بالمثلثة والتحتية والموحدة فقد صحف (وتعفو أثره) أي تغطي أثره حتى لا يبدو، وتعفو منصوب عطفاً على تخفي وكلاهما مسند إلى ضمير الجنة أو الجبة، وعفا يستعمل لازماً ومتعدياً، تقول عفت الديار: أي درست، وعفاها الريح: إذا طمسها، وهو في الحديث متعد. قال الحافظ في «الفتح» : والمعنى أن الصدقة تستر خطاياه كما يغطي الثوب الذي يجرّ على الأرض أثر صاحبه إذا مشى بمرور الذيل عليه وسيأتي فيه مزيد (وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئاً إلا لزقت) في رواية مسلم انقبضت، وفي رواية لهما عضت (كل حلقة)

بسكون اللام (مكانها) والمفاد واحد إلا أن الأولى نظر فيها إلى صورة الضيق والأخرى إلى سببه (فهو يوسعها) أي يريد توسيعها بالبذل فتشح نفسه ولا تطاوعه (فلا تتسع) وفي هذا وعد للمتصدق بالبركة وستر العورة والصيانة من البلاء، فإن جبة الحديد لا تعد للستر فقط بل له وللصون من الآفات، وهذا كما ورد «إن الصدقة تدفع البلاء» وفي البخيل على الضد فهي معدة لهتك عورته وكونه هدفاً لسهام البلاء والعياذ با تعالى، كذا في «مصابيح الجامع» . قال الخطابي وغيره: هذا مثل ضربه النبي للبخيل والمتصدق، فشبههما برجلين أراد كل واحد منهما لبس درع يستتر به من سلاح الإنسان يديه في كميها، فجعل المنفق كمن لبس درعاً سابغة فاسترسلت عليه حتى سترت جميع بدنه، وجعل للبخيل كمثل رجل غلت يداه إلى عنقه فكلما أراد لبسها اجتمعت في عنقه فلزمت ترقوته، وهو معنى قلصت: أي تضامت واجتمعت، والمراد أن الجواد إذا هم بالصدقة انفسح لها صدره وطابت نفسه وتوسعت في الإنفاق، والبخيل إذا حدثها بها شحت بها فضاق صدره وانقبضت يداه

{ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} (الحشر: ٩) وقال المهلب: المراد أن الله يستر المنفق في الدارين، بخلاف البخيل فإنه يفضحه، ومعنى يعفو أثره يمحو خطاياه. وتعقبه عياض بأن الخبر جاء على التمثيل لا على الإخبار عن كائن. وقيل: هو تمثيل لنماء المال بالصدقة، والبخيل بضده اهـ (متفق عليه) واللفظ للبخاري في كتاب الزكاة وهو عند مسلم بنحوه فيها من طرق (والجنة) في النسخ بالنون وهو ما صوّبه في «شرح مسلم» ، وقال لوروده كذلك في رواية بلا شك، وتقدم تعقب بعض المحققين له في ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>