للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعب وقرب والاسم البخل، وزان فلس. والبخل في الشرع: منع الواجب، وعند العرب: منع السائل مما يفضل عنده، وفيه أيضاً الشحّ والبخل، وفي «شرح مسلم» للمصنف قال جماعة: الشحّ أشد البخل وأبلغ في المنع منه، فقيل: هو البخل مع حرص، وقيل: البخل في أفراد الحرص الأمور، والشح عام وقيل: البخل بالأموال خاصة والشحّ بالمال والمعروف. وقيل: الشحّ الحرص على ما ليس عنده، والبخل بما عنده اهـ. وأصله في «النهاية» وزاد شح يشح شحاً فهو شحيح، والاسم الشح، وترجمة المصنف تمشي على هذا، فإن الإصل في العطف التغاير، وعلى ما في «المصباح» يكون من عطف الرديف اكتفاء بتغاير اللفظ كهو في قوله تعالى: {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} (يوسف: ٨٦) .

(قال الله تعالى) : ( {وأما من بخل} ) أي بالإنفاق في الخيرات ( {واستغنى} ) أي بالدنيا عن العقبى (وكذب بالحسنى فسنيسره) في الدنيا (للعسرى) للخلة المودية إلى الشدة في الآخرة وهي الأعمال السيئة، ولهذا قالوا من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، ومن جزاء السيئة السيئة بعدها ( {وما يغني عنه ماله إذا تردى} ) أي هلك وسقط وتردى في جهنم.

(وقال تعالى) : ( {ومن يوق شحّ نفسه} ) أي ومن سلم من الحرص الشديد الذي يحمله على ارتكاب المحارم بمنع أداء ما وجب عليه أداؤه، وفي تفسير ابن عطية: شحّ النفس فقر لا يذهبه غنى المال، بل يزيده وينصب به. وقال ابن زيد وابن جبير وجماعة: من لم يأخذ شيئاً نهاه الله عنه ولم يمنع الزكاة المفروضة فقد برىء من شحّ النفس. وقال ابن مسعود: شحّ النفس أكل مال الناس بالباطل، أما منع الإنسان ماله فبخل وهو قبيح ولكن ليس بشحّ ( {فأولئك هم المفلحون} ) الفائزون ببغيتهم (وأما الأحاديث) أي النبوية (فتقدمت جملة منها في الباب السابق) كقوله: «وإن تمسكه شرّ لك» وقوله: «وأعط كل ممسك تلفاً، ولا توكي فيوكي الله عليك» وباقي أحاديث ذلك الباب تدل بمفهومها على ما عقد له هذا الباب لأن الثناء على الكرم والأمر به ذم بضده ونهي عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>