للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتل قابيل أخاه هابيل. وقد قيل إن بني إسرائيل أول من أقبر وليس بشيء كذا في لغات المناج، وخرج بالرجال النساء والخناثى فيكره لهم على الصحيح مطلقاً خشية الفتنة وارتفاع أصواتهن بالبكاء نعم يسنّ لهن زيارته. قال بعضهم: وكذا مآثر الأنبياء والعلماء والأولياء، قال الأذرعى: إن صح فأقاربها أولى بالصلة من الصالحين اهـ. وظاهره أنه لا يرتضيه لكن ارتضاه غير واحد بل جزموا به. والحق أن يفصل بين أن تذهب بمشهد كذهابها للمسجد فيشترط فيه ما يشترط ثمة من كونها عجوزاً ليست متزينة بطيب ولا حليّ ولا ثوب زينة كما في الجماعة بل أولى، وأن تذهب في نحو هودج مما يستر شخصها عن الأجانب فيسنّ لها ولو شابة، إذ لا خشية فتنة هنا، ويفرق بين نحو العلماء والأقارب بأن القصد إظهار تعظيم نحو العلماء بإحياء مشاهدهم، وأيضا فزوّارهم يعود عليهم منهم مدد أخروى لا ينكره إلا المجرمون، بخلاف الأقارب. فاندفع قول الأذرعي إن صح الخ، كذا في «التحفة» لابن حجر (وما يقوله الزائر) أي من التحتية والدعاء لهم وما مع ذلك.

١٥٨١ - (عن بريدة) بضم الموحدة وفتح الراء وسكون التحتية بعدها مهملة ثم هاء تأنيث، وهو ابن الحصيب بضم المهملة الأولى وفتح الثانية وسكون التحتية بعدها فموحدة، ابن الحارث الأسلمي. أسلم (رضي الله عنه) قبل بدر ولم يشهدها، وقيل أسلم بعدها، وشهد خيبر، روى له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة حديث وسبعة وسبعون حديثاً، منها في الصحيحين أربعة عشر، اتفقا على واحد منها، وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بأحد عشر، روى عنه ابناه والشعبي وأبو المليح الهذلي، سكن المدينة ثم البصرة ثم مرو، وتوفى بها سنة ثنتين أو ثلاث وستين، وهو آخر الصحابة موتاً بخراسان وبقى ولده بها (قال: قال رسول الله: كنت نهيتكم عن زيارة القبور) لقرب عهدهم بالجاهلية وكلماتها القبيحة التي كانوا يألفونها على القبور (فزوروها) نسخ لذلك النهي لما تمهدت القواعد واتضحت الأحكام، فعلموا ما ينفع وما يضرّ، فحينئذ طلبها منهم وعللها كما في رواية أخرى لمسلم بأنها تذكر الآخرة: أي لأنها ترقّ القلوب بذكر الموت وأحواله وما بعده، وأكد في تحفظهم عن عادة الجاهلية كما صح: ألا يقولوا هجرا: أي باطلا لأجل ما في ذلك من التذكير بالآخرة خلاف ما هذا. والقاعدة الأصولية أن الأمر بعد الحظر للإباحة على أنه اعتضد بتكرر زيارته للأموات وبالإجماع على طلبها، بل حكى ابن عبد البرّ عن بعضهم وجوبها، واتفقوا على ندبها للرجال في قبور المسلمين وإن بلوا، لأنه يبقى منه عجب الذنب ولبقاء الروح

<<  <  ج: ص:  >  >>