للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لنفسه، وهذا راجع لقول بعضهم: هو الإنصاف في المعاملة والرفق في المجادلة والعدل في الأحكام والبذل والإحسان في اليسر والإيثار في العسر وغير ذلك من الصفات

الحميدة (والإثم) أي الذنب كما علم من تعريفه وهمزته عوض من الواو كأنه يتم الأعمال: أي يكسرها بإحباطه (ما حاك) أي تردد وتحرك وقيل أي رسخ وأثر (في نفسك) اضطراباً وقلقاً ونفوراً وكراهية لعدم طمأنينتها ومن ثم لم يرض بالاطلاع عليه كما قال (وكرهت أن يطلع عليه الناس) أي وجوههم وأشرافهم إذ المطلق ينصرف للفرد الكامل، والمراد الكراهية العرفية الجازمة لا العادية فقط ككراهة أن يرى آكلاً من حياء أو بخل، ولا غير الجازمة كمن يكره أن يركب بين مشاة تواضعاً فإنه لو رؤى كذلك لم يكره. وقد تبين من الحديث أن للاثم علامتين، وفيه أن للنفس شعوراً من أصل الفطرة بما تحمد وتندم عاقبته ولكن غلبت عليها الشهوة فأوجبت لها الإقدام على ما يضرّها، فإذا عرفت هذا اتضح لك وجه كون التأثير في النفس علامة للإثم لأنه لا يصدر إلا لشعورها بسوى عاقبته، ووجه كون كراهة اطلاع الناس على الشيء دليل الإثم أن النفس بطبعها تحب اطلاع الناس على خيرها وبرّها وتكره ضد ذلك، فكراهتها اطلاع الناس على فعلها ذلك يدل على أنه إثم، ثم هل كل منهما علامة مستقلة على الإثم من غير احتياج إلى الأخرى أولا؟ بل كل جزء علامة، والعلامة الحقيقية مركبة منهما كل محتمل وحينئذ فما وجد فيه العلامتان معا فإثم قطعا كالرياء والزنا وما انتفيتا متلازمتان لأن كراهة النفس تستلزم كراهة اطلاعهم وعكسه، والحديث مخصوص بغير مجرد خطور المعصية ما لم يعمل أو يتكلم (رواه مسلم) وهو من جوامع كلمه بل من أوجزها، إذ البرّ كلمة جامعة لجميع أفعال الخير وخصال المعروف، والإثم كلمة جامعة لجميع أفعال الشرّ والقبائح كبيرها وصغيرها، ولذا قابل بينهما (حاك بالحاء المهملة والكاف: أي تردد فيه) الأولى «فيها» أي النفس.

٤٥٩١ - (وعن وابصة) بكسر الموحدة بعدها مهملة (ابن معبد) بفتح الميم والموحدة وسكون العين المهملة وبالدال المهملة بن مالك بن عبيد الأسدي من أسد بن خزيمة، قاله

<<  <  ج: ص:  >  >>