يدخل إنسان أصبعه في فيه ويدلكه ولم يستقذر ذلك أحد اهـ. ويؤيده أن الاستقذار إنما يتوهم في اللعق أثناء الأكل لأنه يعيدها في الطعام وعليها آثار ريقه وذلك غير سنة. وظاهر أن الكلام فيمن استقذر ذلك من حيث هو لا مع نسبته للنبي إذ من استقذر شيئاً من أحواله كفر، قاله في أشرف الوسائل (قال) أي أنس (وقال) أي النبيّ (إذ سقطت لقمة) بضم اللام (أحدكم فليمط) بضم التحتية: أي يزل (عنها الأذى) الذي لابسها عند سقوطها (وليأكلها) كسراً لنفسه في إبائها بحسب الطبع واستنكافها من تناولها بعد ملاقاتها ما سقطت عليه (ولا يدعها) بالجزم عطف طلبي على مثله: أي لا يتركها (للشيطان وأمر) عطف على قال (أن تسلت) بضم الفوقية: أي تلعق (القصعة) بفتح القاف وجمعها قصع بكسر ففتح وهي التي يأكل عليها عشرة أنفس كما في «مهذب الأسماء» ، والصحفة هي التي يأكل عليها خمسة أنفس على ما في «الصحاح» و «المهذب» ، وقيل هما واحدة، والمراد بالقصعة هنا مطلق الإناء الذي فيه الأدم المائع (قال: فإنكم لا
تدرون) أي لا تعلمون (في أيّ طعامكم البركة) أي هي في المأكول أم في الباقي بالأصابع والقصعة أو في الساقط. قال المصنف في شرح «مسلم» : معنى قوله فإنكم لا تدرون الخ: أن الطعام الذي يحضر الإنسان فيه بركة، فلا يدري أهي فيما أكل أو فيما سقط أو فيما بقي على أصابعه أو فيما بقي بأسفل الصحفة؟ فينبغي أن يحافظ على هذا كله لتحصيل البركة. وأصل البركة: الزيادة وثبوت الخير والانتفاع به، والمراد هنا - والله أعلم - ما يحصل به التغذية وتسلم عاقبته من أذى ويقوّي على طاعة الله وغير ذلك اهـ (رواه مسلم) في الأطعمة من «صحيحه» ورواه أبو داود في الأطعمة من «سننه» والنسائي في الوليمة من «سننه» ومداره عندهم على حماد بن أسامة عن ثابت عن أنس، وقد تقدم الحديث في باب الأمر بالمحافظة على السنة من حديث جابر.
٨٦٠٩ - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال: ما بعث) أي نبأ أو أرسل (الله نبيا إلا رعى الغنم) ليتدرب برعايتها إلى رعاية أمته الذين يدعوهم إلى ما أوحي إليه من الشرائع (قال أصحابه: وأنت) أي وأنت رعيتها أخذاً بعموم «نبياً» المذكور من نكارته في سياق النفي أو