للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معرضون} (النور: ٤٨) أقول: إن جعلت أل في الحق للاستغراق فالكبر لا يكون إلا من الكافر وهو لا يدخلها أبداً، وإن أريد بالحق بعض أفراده: أي ما عدا الإيمان من أحكام الشرع كان الكبر موجوداً في الكافر والمؤمن، لأنه قد يمتنع من الانقياد له عصياناً ولا يخرجه ذلك عن إيمانه، ويؤيد إرادة الثاني قوله (ورده على قائله) أي كائناً من كان من كبير أو صغير جليل أو حقير، وذلك الدفع والردّ قد صدرا منه ترفعاً وتجبراً، أما لو لم يتضح له حقيقة أمر ولم ينقد له ورده على قائله لا تكبراً عن الحق ولا ترفعاً عليه بل لعدم ظهور أن ذلك من الحق عنده فلا يكون من الكبر، وقد تقدم في التواضع أنه قبول الحق والإذعان له من غير نظر لقائله فهذا ضده (وغمط الناس) بفتح الغين المعجمة وسكون الميم وبالطاء المهملة، قال: وبالظاء ذكره أبو داود في «مصنفه» ، وذكره أبو عيسى الترمذي وغيره بالصاد المهملة وهما بمعنى واحد، وهو ما بينه المصنف بقوله (احتقارهم) يقال في الفعل منه غمطه يغمطه

من باب ضرب، وجاء من باب علم.

٢٦١٣ - (وعن سلمة) بفتح أوليه (ابن الأكوع رضي الله عنه أن رجلاً) تقدم تعيينه مع الكلام على الحديث وشرحه في باب المحافظة على السنة (أكل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشماله) يحتمل أن يكون فعله لذلك ابتداء جهلاً بالسنة ثم لما عرفها كما قال (فقال) يعني النبيّ (كل بيمينك) أي كما هو الأدب المندوب المحبوب، أخذته نفسه فلم ينقد للحق واعتذر بما ليس كذلك في الواقع (فقال: لا أستطيع) أي الأكل بها أي لعلة تمنع من إعمالها (فقال: لا استطعت) ويحتمل أن يكون ذلك منه من أوّل الأمر عناداً واستكباراً فأصابه ما أصابه، وقوله (ما منعه إلا الكبر) جملة مستأنفة لبيان الذي اقتضى دعاءه عند ذلك مع كمال رحمته ومزيد عفوه وصفحه: أي إنه لما علم أن المانع له عن الانقياد كبره عن الحق ودفعه له دعا عليه، ففيه الدعاء على من قصد الخروج عن الشريعة عمداً (قال) أي سلمة (فما رفعها) أي فما رفع المدعو عليه شماله (إلى فيه) إجابة لدعائه، وقدمنا ثمة أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>