ويصح كونها بيانية لشيئاً في محل الحال وكان صفة فلما قدمت أعربت حالاً (فشق عليهم) قولاً وفعلاً (فاشقق عليه) فيكون الجزاء من جنس العمل: أي وقعه في المشاق دنيا كتسليط الأعادي عليه، وأخرى بأنواع التعذيب (ومن ولى من أمر أمتي شيئاً) أتى به ظاهراً مع أن المقام للإضمار بأن يقال «منه» زيادة في الإيضاح لكون غالب شأن ولاة الأمور قلة العلم وبعد الفهم لاشتغالهم بأمور الإمامة وسياستها عن دقائق العلوم ورياستها، فأوضح لتقوم الحجة عليهم فلا يعتذورا بخفاء المراد من عبارة الشارع عليهم وتنبيهاً على السبب الداعي لجزاء الأمير بما فعله فيهم من رفق ومشقة: أي كونهم أمته مضافين لحضرته مستأهلين لذلك السعي في مصالحهم والجهد في دفع ضرائرهم والله أعلم (فرفق بهم) قولاً وفعلاً (فارفق به) دنيا وأخرى، وقد جاء «كما تدين تدان»(رواه مسلم) في المغازي من «صحيحه» ، ورواه النسائي في السير.
٤٦٥٦ - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: كانت بنو إسرائيل) هو اسم يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بالعبرانية، وإسر معناه عبد، وإيل معناه الله: أي عبد الله (تسوسهم الأنبياء كلما هلك تبنى خلفه نبيّ آخر) أي إنهم كانوا إذا ظهر فيهم فساد بعث الله نبياً يقيم لهم أمرهم ويزيل ما غيروه من أحكام التوراة. وفيه إيماء إلى أنه لا بد لرعية ممن يقوم بأمرها ويحملها على الطريق وينصف المظلوم من ظالمه، وجملة كلما الخ في محل الحال من فاعل يسوس: أي الأنبياء تترى بعضهم إثر بعض، وجملة (وإنه لا نبي بعدي) معطوفة على كانت بنو إسرائيل واسم إنّ ضمير الشأن وخولف بين المعطوف والمعطوف عليه لإرادة الثبات والتوكيد في الثاني، والمراد لا نبيّ بعدي: أي فيفعل ما كان يفعل أولئك (وسكون بعدي خلفاء) الظرف في هذه لم أجده في النسخ المصححة من «الصحيحين» بل في «فتح الباري»«وستكون خلفاء» أي بعدي فهو صريح في عدم وجودها في البخاري، ولعله في بعض النسخ عندهما أو عند أحدهما (فيكثرون) بالمثلثة، وحكى عياض أن منهم