للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وكأن هذا التخصيص باعتبار سابق الكلام ولو أبقى على العموم وشمل ما ذكره لما كان بعيداً وهو الذي مشى عليه المصنف كما نقلناه عنه (ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده) هو كالبيان للبيعة فهو كقولهم توضأ فغسل وجهه الخ فالفاء فيه للترتيب الذكرى، والصفقة بفتح المهملة وسكون الفاء بعدها قاف: ضرب اليد على اليد وكانت عادة العرب إذا أوجبت ضرب أحدهما على يد صاحبه، ثم استعملت الصفقة في العقد فقيل: بارك الله في صفقة يمينك، كذا في «المصباح» . وقال القرطبي: أصلها الضرب بالكف والكف أو بأصبعين على الكف (وثمرة) بفتح المثلثة (قلبه فليطعه) قال القرطبي: دل على أن البيعة لا يكتفي فيها بمجرّد عقد اللسان بل لا بد من الضرب باليد كما قال تعالى: في أية المبايعة {يد الله فوق أيديهم} (الفتح: ١٠) لكن ذلك في الرجال فقط وعقد القلب وإلزام البيعة به وترك الغش والخديعة فذلك من أعظم العبادات (إن استطاع) قيد في الأمور: أي يطيعه فيما يطيقه وهذا كما تقدم من تلقينه حال البيعة على السمع والطاعة بقوله «فيما استطعت» (فإن جاء آخر ينازعه) أي خرج عن طاعته ونازعه في الملك (فاضربوا عنق الآخر)

أي إن لم يندفع عن ذلك إلا بذلك فافعلوه ولو بأن تحاربوه وتقاتلوه، ولا ضمان على قاتله حينئذ لأنه ظالم متعدّ في قتاله (رواه مسلم) في المغازي من «صحيحه» وزاد فيه «فقال عبد الرحمن بن عبد ربّ الكعبة: فدنوت منه فقلت: أنشدك الله، أأنت سمعت هذا من رسول الله: فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه وقال: سمعته أذناي ووعاه قلبي» والحديث رواه أبو داود في الفتن والنسائي في البيعة وابن ماجه في الفتن، قاله المزي في «الأطراف» .

(وقوله ينتضل) مضارع يفتعل من النضل بالمعجمة (أي يسابق بالرمي بالنبل) بفتح النون وسكون الموحدة: السهام العربية لا واحد لها من لفظها بل الواحد سهم فهي مفردة اللفظ مجموعة المعنى (والنشاب) بضم النون وتشديد المعجمة. قال في «الصحاح» : السهام الواحدة نشابة اهـ، وعليه فهو من عطف العام على الخاص لأن النشابة تعم العربية وغيرها بخلاف النبل (والجشر بفتح الجيم والشين المعجمة وبالراء وهي الدوّاب التي ترعى وتبيت مكانها) وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>