الكلام عن قصد ولداع له أخص من السكوت (أبو بكر فلم يرجع) بفتح التحتية مضارع رجع المتعدي ومنه قوله تعالى:
{فإن رجعك الله} أي لم يردد (إليّ شيئاً) من القبول والإعراض بالصريح أو التعريض أو غيرهما (فكنت أوجد) أي أشد موجدة: أي غضباً (عليه منى على عثمان) وذلك لأن عثمان حصل منه الجواب وأما الصديق فتركه أصلاً (فلبثت ليالي ثم خطبها النبي فأنكحتها إياه) هذه الجملة هي الباعثة لذكر خلف وابن عساكر الحديث في مسند عمر نبه عليه ابن النحوي في شرح البخاري (فلقيني أبو بكر) أي بعد تمام الترويج (فقال: لعلك) هي فيه للإشفاق وأتى به اعتماداً على حسن خلق عمر وأنه لا يغضب لذلك، ولكن جواز الغضب منه يحسب الطبع فقال له ذلك (وجدت) أي غضبت (على) بتشديد الياء (حين) بالفتح المحتمل لكونه حركة إعراب إذ هي منصوبة على الظرفية ولكونه حركة بناء لأنه ظرف مضاف لجملة صدرها مبني وهي (عرضت عليّ حفصة فلم أرجع) بفتح الهمزة (إليك شيئاً فقلت نعم) إخباراً بالوقوع وعملاً بالصدق وإعراضاً عن المواربة (قال: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت عليّ إلا أني كنت علمت أن النبيّ ذكرها) أي مريداً التزوج بها، ولعله كان بحضرة الصديق دون غيره فرأى أن ذلك من السرّ الذي لا يباح فلذا قال (فلم أكن لأفشي) بضم الهمزة: أي أظهر (سرّ رسول الله) أي ما أسره إليّ وذكره لي (ولو تركها النبيّ) بالإعراض عنها (لقبلتها) بكسر الموحدة. فيه أنه يحرم خطبة من ذكرها النبي على من علم به وكتم السر، والمبالغة في إخفائه وعدم التكلم فيما قد يخشى منه أن يجرّ إلى شيء منه، وأن من ذكرها ثم أعرض عنها لا يحرم التزوج بها إذ ليست من أزواجه، وهذه الجملة المذكورة عن الصديق عن النبي، ذكر الحميدي وأبو مسعود الحديث في «مسند أبي بكر» ، ولما أخرجه الطبراني في مسند أبي بكر قال: قد أخرجت الأئمة من عهد أحمد بن حنبل إلى زمننا هذا الحديث في مسند الصديق أنه ذكرها (رواه البخاري) في المغازي والنكاح من