عهده بالإسلام وإن خالط المسلمين أو لبعده عن العلماء لا تبطل صلاته لعذره، ومحل عدم البطلان في ذلك حيث قلّ الكلام، فإن الواقع من معاوية نحو خمس كلمات. أما ما كثر عرفاً فيبطل ولو معذوراً بذلك (أوشك كما قال رسول الله) أي مثل ما قال من التسبيح والتهليل والدعاء (قلت: يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية) هي ما قبل ورود الشرع. سميت به لكثرة جهالاتهم، وهذا عذر له في كلامه في الصلاة وعدم علمه بحرمته فيها (وقد جاء الله) في المشكاة جاءنا بزيادة ضمير المفعول للمتكلم ومعه غيره أي جاءنا معشر الأمة (بالإسلام) أي بدينه على يديك فلا تجد على في أسئلة أخرى يحتاج إلى معرفة حكم الله فيها (وإن منا رجالاً يأتون الكهان) جمع كاهن وهو من يدعي معرفة الضمائر ويخبر عن المستقبل، إما لجنى يخبره أو لزعمه أنه يدرك الغيب بفهم وأمارات، بخلاف العراف فإن نظره قاصر على معرفة الضالّ ومكان
المسروق ونحوهما (قال فلا تأتهم) قال المصنف: قال العلماء: إنما نهى عن إتيانهم لأنهم قد يتكلمون في مغيبات قد يصادف بعضها الإصابة فيخاف الفتنة على الإنسان بسبب ذلك ولأنهم يلبسون على الناس كثيراً من الشرائع. قال الخطابي: والحديث يشمل النهي عن إتيان كل من الكهان والعراف (قلت: ومنا رجال يتطيرون) من الطيرة بكسر ففتح أو سكون وهو التشاؤم بالشيء، ولم يأت مصدر على فعلة غير هذا والخيرة، وذلك أنهم كانوا يتعرفون نحو الطير، فإن ذهب ذات اليمين مضوا وإلا رجعوا فنهوا عن ذلك بقوله (قال ذلك) أي التطير (شيء يجدونه في صدورهم) وفي المشكاة بلفظ في نفوسهم أي من التوهم والتشاؤم المقتضي بحسب توهمهم الفاسد رجوعهم عما يريدون فعله (فلا يصدهم) كذا في أصول «الرياض» بحذف نون التوكيد وهي ثابتة في «المشكاة» : فلا يمنعهم ذلك عن وجهتهم لأنه لا يؤثر نفعاً ولا ضرا، وإنما هو شيء يسوّله الشيطان في النفس ويزينه لها حتى تعمل بقضيته ليجرها بذلك إلى اعتقاد مؤثر غير الله تعالى، وهو كفر صراح بإجماع العلماء. قال المصنف: قال العلماء: نهاهم عن العمل بالطيرة كأن يمتنعوا من مرادهم بسببها لأن ذلك في قدرتهم وكسبهم دون التطير، لأن ذلك يجدونه في النفس ضرورة فلا عتب عليهم فيه. قال: وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة في النهي عن التطير والطيرة، وهو محمول على العمل بها لا على ما يوجد في النفس من غير