للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحدقة وجمعها باعتبار تعدد الداعين أو من إطلاق الجمع على ما فوق الواحد وعليه فأتى بالضمير لذلك والمقام يقتضي خلافه: أي إلى أن خلع عليه خلعة تشريف التأهيل لسؤاله تعالى فأتى بلازم العظمة من ضمير «نا» (وقوتنا ما) مصدرية ظرفية وصلتها (أحييتنا) أي متعنا بما ذكر مدة إحيائنا وذلك ليغتني المرء عن غيره بفضل ربه سبحانه فلا يحتاج لقائد ولا لمعين (واجعله) أي ما ذكر (الوارث) أي الباقي (منا) شبه دوام استمراره إلى آخر الحياة بالوارث الذي يبقى كذلك ويخلف الميت ففيه تشبيه بليغ (واجعل ثأرنا) هو بالهمزة في الأصل وسهل بقلبها ألفاً وهو طلب الدم كما في «النهاية» وأريد منه هنا التبعة والطلبة (على من ظلمنا) أي بأن تأخذ لنا حقنا منه وتجازيه على ظلمه إباناً (وانصرنا) أي اجعلنا منصورين غالبين (على من عادانا) يحتمل أن تكون المفاعلة على بابها ويحتمل أن صيغة المغالبة للمبالغة: أي على من انتصب لعداوتنا، وظاهر أن المراد المعادي لما لا تجوز المعاداة له من الأعراض الفانية المخدجة، أما المعاداة لله كأن وقعت منه عداوتك لفعلك ما لا يحل شرعاً فذلك لا يدعي عليه، والدعاء عليه غير مقبول لأنه أتى بما عليه (ولا تجعل مصيبتنا) أي ما نكرهه (في ديننا) بأن نخل بأدنى شيء مما أمرنا بأدائه أو نقع في شيء ما نهينا عن مداخلته وذلك لأن مصيبة الدين هي المصيبة العظمى لما قد يترتب عليها من الشقاوة الكبرى أعاذنا الله من ذلك، ولا كذلك مصائب الدنيا فإن ما فيها آيل إلى الذهاب، فما أصيب به المرء فذلك من عناية الله به، إن ألهمه الصبر فإنه جعل له في ذلك الثواب، ولو ذهب من غير مصيبة لما أثيب عليه (ولا تجعل الدنيا أكبر همنا) فتهتم بها عن الأمور التي علينا من أداء عبوديتك والقيام بخدمتك (ولا مبلغ علمنا) بأن نقف عند ما يصلحها ولا نجاوزه لما يصلحنا في آخرتنا فإن الكافر لما لم يؤمن بدار القرار وكان

مبلغ علمه هذه الدار استغرق بلذاتها وسبح في بحار شهواتها وقال: «إن هي إلا حياتنا الدنيا» فمن استغرق من أرباب الإيمان أوقاته في عمارة دنياه وغفل عن عمارة أخراه صار شبيهاً بأولئك الخاسرين (ولا تسلط علينا من لا يرحمنا) فيه أن جور الولاة والعمال على من تحت أيديهم من الرعايا إنما هو بتسليط من الله سبحانه، وإذا كان كذلك فإذا أصيب العبد بمصيبة من أيديهم رماداً (رواه الترمذي) في الدعوات من «جامعه» (وقال: حديث

<<  <  ج: ص:  >  >>