للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن النهي عنه في غير الكافر والمنافق والمتجاهر بفسقه، فلعل التي أثنوا عليها شراً كانت واحداً من الثلاثة (فقال النبي وجبت) أي النار كما سيصرح به والخفاء الدالّ على تعيين الواجب فيهما سأل عمر رضي الله عنه عن بيانه (فقال عمر) بن الخطاب (رضي الله عنه: ما وجبت؟) أي ما معناها فقال معناها ما تضمنه قولنا (هذا أثنيتم عليه خيراً فوجبت له الجنة) فانطلاق الألسنة بالثناء الحسن علامة على وجوب الجنة للمثنى عليه به (وهذا أثنيتم عليه شراً فوجبت له النار) أما إذا كان ذلك على سبيل الهوى والغرض من غير باعث ووازع فالظاهر أنه لا يكون كذلك (أنتم) أيها الصحابة أو مطلق المؤمنين ويؤيده أنه جاء في رواية المؤمنون (شهداء الله في الأرض) فإذا جرى على ألسنتكم ثناء بخير أو شرّ كان مطابقاً لما عند الله: أي باعتبار الغالب أن الله تعالى يطلق الألسنة في حق كل إنسان بما يعلم من سريرته التي لا يطلع عليها غيره، وبما يظهر عليه من الأعمال الصالحة وضدها، فكأنه استنبط من هذا في حق هذين القطع لهما بالجنة والنار، أو

أعلم الله تعالى أنهما في باطن الأمر عنده على طبق ثناء الناس عليهما، فعلم أنه ليس المراد أن من خلق للجنة يصير للنار بقولهم ولا عكسه، بل قد يقع الثناء بالخير أو الشر وفي الباطن خلافه، وإنما المراد أن الثناء علامة مطابقة وعلة دالة على ما في الواقع غالباً كما أنبأ عن ذلك ترتيبه وجبت على الثناء المشعر بأن الثناء علة ذلك، ولذا أشار أشرف المثنين بكونهم شهداء الله الصادقين في ثنائهم لكونهم يجري على ألسنتهم ما يطابق ما عنده غالباً، ففيه غاية التزكية منه لأمته بأن الله تعالى ما أنطقهم إلا ليصدقهم غالباً في ثنائهم الواقع كالدعاء والشفاعة بوعده الحق الذي لا يخلف، أو العادة المنزلين منزل الواجب الوقوع، فلذا رتب على الثناء الوجوب بالمعنى المذكور لأنه تعالى لا يجب عليه شيء بعمل ولا بشهادة ولا بغيرهما، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً اهـ من «فتح الإله» (متفق عليه) .c

٢٩٥١ - (وعن أبي الأسود الديلي) هو بكسر الدال وسكون التحتية، ويقال الدؤلي بضم

<<  <  ج: ص:  >  >>