للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه) حال كونه (أتى بدابته) وعند الترمذي بدابة بالتنوين، والدابة في أصل اللغة ما يدبّ على وجه الأرض، ثم خصها العرف بذات الأربع، قال في «المصباح» : وتخصيص الفرس والبغل والحمار بالدابة عند الإطلاق عرف طارىء (ليركبها فلما وضع رجله في الركاب) بكسر الراء (قال باسم الله) أي أركب (فلما استوى) أي استقرّ (على ظهرها قال) شكرا الله (الحمد لله) أي على هذه النعمة العظيمة، وهي تذليل الوحش النافر وإطاعته لنا على ركوبه محفوظين من شره كما صرح به بقوله (الذي سخر) أي ذلل (لنا) أي لأجلنا (هذا) المركوب (وما كنا له) أي لتسخيره (مقرنين) أي مطيقين (وإنا إلى ربنا لمنقلبون، ثم قال) أي بعد حمده المقيد بالثناء بما أنعم عليه (الحمد لله) حمداً غير مقيد بشىء إيماء إلى أن التقييد فيما قبله بقوله الذي سخر لنا هذا الخ ليس لقصر طلب الحمد على وجود النعمة، بل هو سبحانه واجب الحمد لذاته ولتأكيد هذا المعنى كرره (ثلاث مرات) وفي التكرير إشعار بعظم جلال الله سبحانه وأن العبد لا يقدر الله حق قدره وهو مأمور بالدأب في طاعته حسب استطاعته، وقيل في حكمة التكرير ثلاثاً: أن الأول لحصول النعمة، والثاني لدفع النقمة، والثالث لعموم المنحة (قم قال) تنزيها لله وتقديساً له عن سمات المحدثين من الركوب والاستقرار في حيز (الله أكبر ثلاث مرات) والتكرير للمبالغة في ذلك، أو الأول إيماء إلى الكبرياء والعظمة في الذات، والثاني الكبرياء والعظمة في الصفات، والثالث إشعار بتنزيهه عن الاستواء المكاني، وقوله الرحمن على العرش استوى: «ظاهره غير مراد إجماعاً ثم هل نفوض معناه إلى الله تعالى ولا نتكلم في تعيينه

أو نتكلم فيه؟ قال بالأول السلف، وبالثاني الخلف وهو أحكم (ثم قال سبحانك) بالنصب على المفعولية المطلقة بعامل لا يظهر وجوباً: أي أقدسك تقديساً مطلقاً، لأن كل مالا يليق به تعالى فهو مقدس عنه وذلك سائر سمات الحوادث (إني ظلمت نفسي) بعدم القيام بحقك لشهود التقصير في شكر هذه النعمة العظمى ولو بغفلة أو خطره أو نظره (فاغفر لي) أي استر ذنوبي بعدم المؤاخذة بالعقاب عليها (إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) استئناف بياني كالتعليل لسؤال الغفران، وفيه إشارة بالاعتراف بتقصيره مع إنعام الله وتكثيره (ثم ضحك فقيل) وعند الترمذي في «الشمائل»

<<  <  ج: ص:  >  >>