ترتل) قراءتك (في الدنيا) يؤخذ منه أنه لا يقال هذا الثواب العظيم إلا لمن حفظ القرآن وأتقن أداءه وقراءته كما ينبغي له، والترتيل هو التأني بالقراءة على ما رسمه وبينه أئمتنا حتى يكسبه ذلك أبهى رونق وأعظم حسن وزينة، وتخصيص الصاحب في الحديث بالحافظ عن ظهر قلب دون التالي من المصحف، لأن ما في الجنة أصله أن يحكى ما في الدنيا، وفي الدنيا لا يطلق ذلك إلا على الحافظ له، نظراً إلى أن القارىء إنما يطلق على من لا يفارقه القرآن أبداً، وذلك الحافظ له عن ظهر قلب، وقد وردت أحاديث تومىء إلى تفسير الصاحب بالحافظ عن ظهر قلب نبه عليه في «فتح الإله»
(فإن) تعليل يفيد الترغيب في حفظ جميع القرآن كما تقدم من أن عدد درج الجنة عدد آية (منزلتك) أي من الجنة (عند آخر آية تقرؤها) فإن قرأت الكل فأعلى المنازل وإلا فمنزلك أدون منه بقدر قراءتك، وقيل إن المراد بالصاحب العامل بالقرآن المتدبر له وهو أفضل من الحافظ المرتل، بغيرهما، والمراد بالدرجات ما نالها من علمه، وحينئذ فلا يقدر في الجنة أن يتلو من الآيات إلا ما هو على مقدار عمله، فلا يستطيع أحد أن يتلو آية إلا وقد أقام ما يجب عليه فيها، وقيل المراد به الحافظ المرتل العالم العامل فيكون له درجات لقراءته ودرجات بعمله، ويرتقي الحافظ له كله والعامل به المتدبر له إلى ما لا نهاية له، قال تعالى:
{إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب}()(رواه أبو داود والترمذي وقال) أي الترمذي (حديث حسن صحيح) ورواه أحمد والنسائي أيضاً.
(تتمة) قضية هذه الأحاديث وما في معناها الدأب في التلاوة والإكثار منها مع التدبر والتفكر والتأمل، ولو تيسر له مع ذلك الخيم في كل يوم أو ليلة أو ختمات في كل. ومحل النهي عن ختمه في أقل من سبع لمن له شغل يمنعه عنها أو عن التدبر فيها كما تقدم في باب الاقتصاد. قال المصنف في «الأذكار» بعد ذكر الخلاف في مدة الختم المختار أن ذلك مختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق التفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر يحصل له معه كمال فهم ما يقرأ، وكذا من كان مشغولاً بنشر العلم أو فصل الخصومات بين المسلمين أو غير ذلك من مهمات الدين والمصالح العامة للمسلمين فليقتصر على قدر