للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو على سفر} (المائدة: ٦) وقال آخرون: لا تقدير في الآية ولا تقديم ولا تأخير، فقيل بل الآية على عمومها والأمر شامل للمحدث على سبيل الإيجاب وللمتطهر على سبيل الندب. وقيل إن الآية نزلت للإعلام بأن الوضوء لا يجب إلا عند القيام إلى الصلاة دون غيرها من الأعمال، إذ كان لا يمنع من غيرها من الأعمال عند الحدث. قال العز بن عبد السلام في كتاب «أحكام القرآن» : ظاهر الآية الكريمة إيجاب الوضوء لكل صلاة سواء أحدث أم لا، لكن ورد في «صحيح مسلم» «أن النبي كان يتوضأ لكل صلاة، فلما كان يوم الفتح صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد، فقال عمر: فعلت شيئاً لم تكن تفعله، قال: عمداً فعلته يا عمر» قال الحازمي: قال الخطابي: ذهب جماعة من العلماء إلى أنه لا يجب الوضوء إلا من حدث، وما روي عن النبيّ أنه كان يتوضأ: أي لكل فرض محمول على التماس الفضل وبين النبي للناس الجواز بالحديث المتقدم. وفيه أيضاً دليل على أنه لا يشترط فعل الوضوء عند القيام إلى الصلاة، بل لو قدمه أو أخره عن الوقت أجزأه وإن كان ظاهر الآية الكريمة لا يشعر بذلك ( {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق} ) أي معها لأن الجمهور على دخول المرفقين في الغسل

( {وامسحوا برؤوسكم} ) الباء فيه للإلصاق أو للتبعيض ( {وأرجلكم إلى الكعبين} ) قرىء بالنصب عطفاً على الوجوه أو الأيدي لفظاً، وبالجر لفظاً للجواز، وهي منصوبة محلاً عطفا على أحدهما، أو بالجر لفظاً ومحلاً عطفاً على رؤوس، وتحمل على لابس الخف أو الغسل الخفيف. وهذه الآية الكريمة ذكر فيها أربعة من أركان الوضوء، فمن قال لا ركن إلا تلك الأربعة فأمره واضح، ومن قال بوجوب غيرها كالنية والترتيب عند إمامنا الشافعي أخذ ذلك من أدلة تقتضيه، أما النية فمن نحو قوله «إنما الأعمال بالنيات» ، وأما الترتيب فمن الآية لأنه فصل فيها بالرأس الممسوح بين اليد والرجل المغسولين، والعرب لا تفصل بين المتجانسين إلا لنكتة وهي هنا وجوب الترتيب لا ندبه لأن الآية مسوقة لبيان مفروضاته، وكالتسمية عند جمع، وكغسل الكفين عند القيام من النوم، وكالمضمضة والاستنشاق في أشياء قيل بوجوبها لأدلة أخرى تشهد لها من كتاب أو سنة (

{وإن كنتم جنباً فاطهروا} ) أي فاغتسلوا ( {وإن كنتم مرضى أو على سفر

<<  <  ج: ص:  >  >>