للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعظمها فهو نظير {ذلك الكتاب لا ريب فيه} (البقرة: ٢) (الرباط) لا غيره كما أفاده تعريف الجزءين الدالّ على الحصر لكنه إضافي: أي ما ذكر من الثلاث هو المستحق أن يسمى رباطاً، وغيره الذي هو الرابط الحقيقي وهو

ملازمة الثغر لحفظ عورة المسلمين لا يستحق ذلك بالنسبة إليه، لما فيه من أعظم القهر لأعدى عدوك الذي هو النفس الأمارة بالسوء وقمع سورتها وقلع مكايد الشيطان وأعوانه من جميع أجزائها، وفي هذا أعظم تأييد لما روي «ورجعنا من الجهاد الأصغر» أي الذي هو جهاد العدو «إلى الجهاد الأكبر» أي الذي هو جهاد النفس، وذلك لأن تلك الأعمال لما كانت تسد طرق الشيطان والهوى عن النفس وتقهرها وتمنعها من قبول الوساوس واتباع الشهوات فيغلب بها حزب الله وجنوده عدوه كانت هي المرابطة الحقيقية. والجهاد الأكبر جهاد الكفار وإن شرع للخروج عن النفوس والأولاد والأموال لإعلاء كلمة الله تعالى مع تكميل النفوس بخروجها عن مألوفاتها ومستلذاتها، لكنه لا يدوم زمنه وإنما يكون برهة ثم ينقضي، وتلك الأعمال دائمة الوجود وذلك التكميل موجود فيها بزيادة، ووقع في نسخة مصححة من «الرياض» قوله (فذلكم الرباط) مرة ثانية وقدمنا أنه كذلك في رواية لمسلم (رواه مسلم) والحديث سبق في فضل الوضوء.

٨١٠٦٠ - (وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي قال: إذا رأيتم) أي علمتم (الرجل يعتاد المساجد) وفي رواية «يتعاهد المساجد» والمراد باعتياد المساجد أن يكون قلبه متعلقاً به منذ يخرج منه إلى أن يعود إليه. ٤ قال السيوطي: المراد شدة حبه له وملازمة الجماعة فيه، وليس معناه دوام القعود فيه. وقال التوربشتي: هو بمعنى التعهد وهو التحفظ بالشيء وتجديد العهد به، ويروى «يتعاهد» ومعناه لاعتياد معاودته إلى المسجد مرة بعد أخرى لإقامة الصلاة اهـ. وكلاهما حسن. وقال الطيبي: يتعاهد أشمل معنى وأجمع لما يناط به أمر المساجد من العمارة واعتياد الصلاة وغيرهما، ألا ترى كيف استشهد بالآية. قال في «الكشاف» : العمارة تتناول رمّ ما انهدم منها وقمها وتنظيفها وتنويرها بالمصابيح وتعظيمها واعتيادها والذكر فيها (فاشهدوا) أي اقطعوا (له بالإيمان) فإن الشهادة تصدر عن مواطأة

<<  <  ج: ص:  >  >>