للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإنْ هُمْ أطَاعُوك لِذلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ، وتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ" متفقٌ عَلَيْهِ (١) .

١٢٠٧- وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً رسول الله، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤتُوا الزَّكَاةَ، فَإذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِني دِمَاءهُمْ وَأمْوَالَهُمْ، إِلاَّ بِحَقِّ الإسْلاَمِ،

ــ

قبل خمس (فإن هم أطاعوا لذلك) بالتصديق بوجوبها والتزام فعلها (فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة) إن قيل توقف الصلاة على الشهادتين ظاهر؛ لأن الصلاة لا تصح إلا بعد الإسلام، فما وجه توقف الزكاة على الصلاة مع استوائهما في كونهما ركنين من الإسلام؟ فالجواب أن المعنى فإن أطاعوا باعتقاد الصلاة فرضاً فاذكر لهم الزكاة، والغرض بذلك التدريج حتى لا ينفروا من كثرتها لو جمعت، وتقديم الصلاة؛ لشرفها ولكونها بدنية أسهل من الزكاة؛ لكونها مالية، وبذل المال مشق (تؤخذ من أغنيائهم) يشمل الصغير فتجب الزكاة في ماله والمدين غني باعتبار الحال الحاضر، فلذا لم يمنع الدين وجوب الزكاة عليه على الأصح (وترد على فقرائهم) اقتصر عليهم مع أن مستحقها أصناف مذكورة في آية (إنما الصدقات) (٢) لمقابلة الفقراء بالأغنياء ولأن الفقراء هم الأغلب، والإِضافة تقتضي منع صرف الزكاة لكافر، وإنما لم يذكر في الحديث الصوم والحج؛ لأن اهتمام الشرع بالصلاة والزكاة أكثر؛ ولذا كُررا في القرآن كثيراً، وأيضاً فإن الصوم قد يسقط بالفدية، والحج بفعل الغير في المعضوب، قال البرماوي: أو أن الحج لم يكن شرع، وفيه نظر لا يخفى لأن إرساله إلى اليمن كان قبيل موته - صلى الله عليه وسلم -، وقد استقر وجوب الحج حينئذ بلا خلاف (متفق عليه) .

١٢٠٧- (وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمرت) بصيغة المجهول، ولم يذكر الفاعل وهو الله تعالى للعلم به (أن أقاتل الناس) أي: الكفرة غير الكتابيين ومن ألحق بهم (حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة) فيه أن تارك الصلاة كسلاً ومانع الزكاة لا يمتنع قتالهما وهو مذهب إمامنا الشافعي فيقتل بإخراج الصلاة عن وقت الضرورة إن لم يتب (٣) ، ويقاتل الإمام تاركي الزكاة إذا توقف أخذها منهم عليه، (فإذا فعلوا ذلك) أي: ما ذكر من الشهادتين وما بعدهما،


(١) أخرجه البخاري في كتاب: الزكاة، باب: وجوب الزكاة، باب: (٣/٢٥٥) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الإِيمان، باب: الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإِسلام، (الحديث: ٢٩) .
(٢) سورة التوبة، الآية: ٦٠.
(٣) الضمير عائد إلى القول المفهوم من "قالها".

<<  <  ج: ص:  >  >>