للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسنةُ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِئَةِ ضِعْفٍ. قَالَ الله تَعَالَى: إِلاَّ الصَّوْمَ فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ؛ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أجْلِي. للصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَخُلُوفُ فِيهِ أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ" (١) .

ــ

يضاعفها) (٢) وقيل: المراد ثوابه لقوله تعالى: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (٣) وقوله هنا يضاعف بالتحتية خبر كل، وفي نسخة بالفوقية مسند إلى قوله (الحسنة عشر أمثالها) وعشر بالنصب ثاني مفعولي يضاعف؛ لتضمنه معنى يجعل، والجملة الخبرية رابطها ضمير محذوف، والأصل تضاعف الحسنة فيه، وعلى أنه بالتحتية فجملة الحسنة عشر أمثالها مركبة من مبتدأ وخبر مستأنفة استئنافاً بيانياً، كأنه قيل كيف تلك المضاعفة؟ فقال: الحسنة إلخ وقد تضاعف (إلى سبعمائة ضعف) قال تعالى: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة) (٤) (قال الله تعالى: إلا الصوم) بالنصب مستثنى من حصر المضاعفة في عدد مخصوص، وقوله: (فإنه لي وأنا أجزي به) جملة مستأنفة، أتى بها كالتعليل؛ للاستثناء المذكور وذلك أن تولي الله سبحانه لجزائه، يدل على عظمه وأنه لا يحصره عد، فهو كالصبر الذي قال الله لعالى فيه: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) (٥) (يدع شهوته) أي: ما تشتاق النفس إليه (وطعامه) أراد به ما يطعم، فشمل الشراب (من أجلي) أي: بسببي (للصائم فرحتان فرحة عند فطره) لتمام عبادته، وسوغ الابتداء بالنكرة؛ كونه مسوقاً للتفصيل، فهو كقوله "فيوم لنا ويوم علينا" (وفرحة عند لقاء ربه) بلقائه ورؤية جزيل ثوابه (ولخلوف) بفتح اللام، أي: لام جواب القسم أكد به دفعاً لما يستبعد من الحكم بأطيبيته، مع كونه مستقذراً عند الناس أي: لتغير (فيه) الناشىء عن الصوم الكائن من بعد الزوال؛ لأن التغير قبله قد يحال على ما أكله وقت السحر، بخلافه بعده، فيتمحض كونه أثره (أطيب عند الله من ريح المسك) وهذه الجملة مسوقة لبيان شرف الصوم عند الله تعالى، وزيادة مكانته، كما تقدم.


(١) أخرجه البخاري في كتاب: الصوم، باب: وجوب صوم رمضان (٤/٨٨، ٩٤) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الصيام، باب: فضل الصيام، (الحديث: ١٦٣) .
(٢) سورة النساء، الآية: ٤٠.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ١٦٠.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٢٦١.
(٥) سورة الزمر، الآية: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>