للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ صَائِمٌ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، قَالَ لِبَعْضِ القَوْمِ: "يَا فُلاَنُ انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا"، فَقَالَ: يَا رسول الله، لَوْ أمْسَيْتَ؟ قَالَ: "انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا" قَالَ: إنَّ عَلَيْكَ نَهَاراً، قَالَ: "انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا" قَالَ: فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ فَشَرِبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قَالَ: "إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أقْبَلَ مِنْ هاهُنَا، فَقَدْ أفْطَرَ الصَّائِمُ" وَأشَارَ بِيَدِهِ قِبَلَ المَشْرِقِ. متفقٌ عَلَيْهِ.

قَوْله: "اجْدَحْ" بِجيم ثُمَّ دال ثُمَّ حاءٍ مهملتين، أيْ: اخْلِطِ

ــ

(رضي الله عنهما قال: سرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو صائم) لعله كان في فتح مكة، فإنه - صلى الله عليه وسلم - خرج لذلك في رمضان من سنة ثمان. (فلما غربت الشمس) أي: تكامل مغيب قرصها (قال لبعض القوم: يا فلان) قيل: هو بلال، أخرجه أبو داود عن مسدد شيخ البخاري في الحديث وفيه، فقال يا بلال. وأخرجه الإِسماعيلي وأبو نعيم، من طريق عبد الواحد، وهو ابن زياد شيخ مسدد، بلفظ يا فلان. فاتفقت روايتهم على قوله - صلى الله عليه وسلم -: يا فلان، قال الحافظ في الفتح: ولعلها تصحيف، وجاء عند ابن خزيمة عن عمر رضي الله عنه قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا أقبل الليل. الخ، فيحتمل أن المخاطب بذلك عمر، فإن الحديث واحد، فلما كان المقول له إذا أقبل الليل عمر، احتمل أن يكون هو المقول له أولاً أجدح، لكن يؤيد كونه بلالاً، قوله في رواية شعبة عند أحمد، فدعا صاحب شرابه، فإن بلالاً هو المعروف بخدمته - صلى الله عليه وسلم -.

اهـ ملخصاً (انزل فاجدح لنا) أي حرك السويق ونحوه، بالماء بعود يقال له المجدح مجنح الرأس (فقال: يا رسول الله لو أمسيت) إن كانت للتمني فلا حذف، وإن كانت للشرط فالجواب محذوف، مدلول عليه بقرينة الحال، أي: لكان أحسن (قال: انزل فاجدح لنا، قال: إن عليكم نهاراً) يحتمل أن يكون المذكور كان يرى شدة الضوء، من شدة الصحو فظن أن الشمس لم تغرب، وأنها قد غطاها جبل أو نحوه، أو أن هناك غيماً، فلا يتحقق غروبها، وأما قول الراوي: قد غربت الشمس فإخبار عما في نفس الأمر، وإلا فلو تحقق الصحابي، حكم المسئلة لما توقف (قال: انزل فاجدح لنا قال) أي: الراوي للحديث، وهو ابن أبي أوفى (فنزل فجدح لهم فشرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي: وشربنا وسكت عنه لوضوحه (ثم قال: إذا رأيتم) أي: إذا علمتم (الليل قد أقبل من ها هنا) فالليل مفعول أول، وجملة قد أقبل سد مسد المفعول الثاني، ولك أن تجعل رأى بصرية فتكون الجملة حالية من المفعول (فقد أفطر الصائم) قال ابن أبي أوفى (وأشار) أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - (بيده قبل المشرق) مبيناً للمكان المشار إليه بقوله ها هنا (متفق عليه قوله: اجدح، بجيم ثم دال ثم حاء مهملتين) بوزن اسأل (أي اخلط السويق) قال في المصباح: هو ما يعمل من الحنطة،

<<  <  ج: ص:  >  >>