للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تفسير للأول، وبيان أن قوله كله أي: غالبه، وقيل: كان يصومه كله في وقت وبعضه في وقت آخر، وهذا أنسب باللفظ. قال المصنف قال العلماء: وإنما لم يستكمل غير رمضان؛ لئلا يظن وجوبه، وقيل: في قولها كله أي: يصوم في أوله وفي وسطه وفي آخره، ولا يخص شيئاً منه بل يعمه بصيامه، ذكر هذه الأجوبة المصنف في شرح مسلم، وقيل: غير ذلك، وقد تعقب الدماميني في المصابيح كلامه.

"أما الأول": فإن إطلاق الكل على الأكثر مع الإِتيان به توكيداً، غير معهود. وتعقبه الحافظ زين الدين العراقي، بأن في حديث أم سلمة عند الترمذي: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم شهرين متتابعين إلا رمضان وشعبان، فعطفه على رمضان يبعد أن يراد به أكثره، إذ لا جائز أن يراد من رمضان بعضه، والعطف يقتضي المشاركة فيما عطف عليه، وإن مشى ذلك فإنما يمشي على رأي من يقول إن اللفظ الواحد يحمل على حقيقته ومجازه، وفيه خلاف لأهل الأصول قال في عمدة القاري: ولا يمشي على ذلك الرأي أيضاً؛ لأن من قال ذلك قاله في اللفظ الواحد، وهما لفظان رمضان وشعبان، لكن نقل الترمذي عن ابن المبارك أن العرب يتجوزون بذلك فيقولون: إذا صام أكثر الشهر وقام أكثر ليله صام الشهر كله، وقام ليله أجمع، ولعله قد تعشى واشتغل ببعض أمره.

"وأما الثاني": فقال الدماميني: إن قولها: كان يصوم شعبان يقتضي تكرار ذلك الفعل له عادة على ما هو المعروف في مثل هذه العبارة اهـ أي: بناء على إفادتها له، والذي اختاره المصنف وعزاه للأكثرين والمحققين أنها تقتضيه عرفاً.

"وأما الثالث": فقال الدماميني: إن أسماء الشهور إذا ذكرت غير مضاف إليها لفظ شهر كان العمل عاماً لجميعها، فلا تقول سرت المحرم، وقد سرت بعضه، فإن أضفت الشهر إليه لم يلزم التعميم، هذا مذهب سيبويه، وتبعه عليه غير واحد، ولم يخالفه إلا الزجاج، وأما قولها في رواية: وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان، فلا ينافي صيامه لجميعه، فإن المراد، أنه - صلى الله عليه وسلم - أكثر الصيام فيه على غيره من الشهور التي لم يفرض فيها الصوم، وذلك صادق بصومه كله؛ لأنه إذا صام جميعه صدق عليه أن الصوم الذي أوقعه فيه أكثر من الصوم الذي أوقعه في غيره، ضرورة أنه لم يصم غيره، مما عدا رمضان كاملاً، وأما قولها: لم يستكمل إلا رمضان فيحمل على الحذف أي: وشعبان بدليل الطريق الآخر، كان يصوم شعبان كله، وحذف المعطوف والعاطف جميعاً ليس بعزيز في كلامهم، ويمكن

<<  <  ج: ص:  >  >>